يوم الأرض الفلسطيني: صمود مستمر في وجه الإبادة والمعاناة ..

كتب عمر فارس ..
في الثلاثين من آذار من كل عام، يحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ذكرى يوم الأرض، وهو اليوم الذي أصبح رمزًا للتشبث بالأرض والدفاع عن الحقوق الوطنية في مواجهة الاحتلال والاستيطان. تعود جذور هذا اليوم إلى عام 1976، عندما انتفض الفلسطينيون في الداخل ضد قرار الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدونمات من أراضيهم في الجليل والنقب والمثلث، مما أدى إلى مواجهات دامية ارتقى خلالها ستة شهداء وسقط عشرات الجرحى والمعتقلين.
لكن هذا اليوم لم يعد مجرد ذكرى لأحداث الماضي، بل تحول إلى محطة تتجدد فيها معاناة الفلسطينيين، خاصة في ظل حرب الإبادة الشاملة التي تشنها إسرائيل اليوم، وخصوصًا في قطاع غزة، حيث تمارس قوات الاحتلال أبشع أنواع الجرائم ضد المدنيين العزل.
حرب الإبادة في غزة: مجازر مستمرة وتدمير ممنهج
منذ السابع من أكتوبر 2023، يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة غير مسبوقة، تستهدف البشر والحجر والشجر. أقدمت إسرائيل على تدمير أحياء بأكملها، وقتل آلاف الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، في ظل صمت دولي مطبق وانحياز غربي واضح. تعمدت قوات الاحتلال قصف المستشفيات والمدارس والملاجئ، وفرضت حصارًا خانقًا منع دخول الغذاء والدواء، ما جعل غزة تعيش كارثة إنسانية تفوق الوصف.
لم تقتصر جرائم الاحتلال على القتل الجماعي، بل سعت إلى محو أي أثر للحياة في القطاع، عبر تدمير البنية التحتية وتهجير السكان قسرًا. كل ذلك يأتي في إطار سياسة تهدف إلى إفراغ غزة من سكانها، وتحقيق أهداف المشروع الصهيوني القائم على التطهير العرقي والتهجير القسري.
يوم الأرض: رسالة للصمود والمقاومة
في ظل هذه المجازر، تأتي ذكرى يوم الأرض هذا العام لتؤكد أن الشعب الفلسطيني لا يزال متمسكًا بأرضه وحقوقه، رغم كل محاولات الاقتلاع والتصفية. إن نضال الفلسطينيين لم يتوقف عند حدود غزة، بل يمتد ليشمل كل فلسطين، حيث تتصاعد عمليات تهويد القدس، وتتواصل الانتهاكات في الضفة الغربية، ويتعرض أهلنا في الداخل الفلسطيني لمخططات التهجير الممنهج.
يوم الأرض ليس مجرد يوم للذكرى، بل هو مناسبة لتجديد العهد بمواصلة النضال والمقاومة. في كل عام، يبعث الفلسطينيون برسالة واضحة للعالم: “لن نرحل، لن نستسلم، وسنبقى متجذرين في أرضنا كما الزيتون، مهما اشتد العدوان”.
المطلوب اليوم: تحرك عالمي لإنهاء الإبادة
لم يعد الصمت الدولي مقبولًا أمام ما يجري في غزة. إن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل هي جرائم حرب تستوجب المحاسبة، ولا يمكن للعالم أن يتحدث عن حقوق الإنسان وهو يتجاهل مأساة الفلسطينيين. يجب أن تتكثف الجهود لمقاطعة الاحتلال سياسيًا واقتصاديًا، ومحاصرته قانونيًا في المحاكم الدولية، والضغط لوقف العدوان فورًا ورفع الحصار عن غزة.
إن يوم الأرض الفلسطيني هذا العام ليس مجرد ذكرى، بل هو نداء لكل أحرار العالم للوقوف في وجه هذه الإبادة الجماعية. فكما انتفض الفلسطينيون في 1976 للدفاع عن أرضهم، فإنهم اليوم يواصلون المقاومة من غزة إلى القدس إلى الشتات، حاملين راية الحرية والكرامة، حتى تحقيق النصر وزوال الاحتلال.
عمر فارس