اخبار السعودية

من «فوستر عظيم» إلى مستقبل عظيم.. قراءة قيادية في محادثة ولي العهد عن مطار أبها الجديد أخبار السعودية

كلمات قصيرة ودلالات كبيرة

في لحظة عابرة من محادثة إلكترونية غير رسمية عبر تطبيق «واتساب»، قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأمير منطقة عسير تركي بن طلال عن مطار أبها الجديد: «فوستر عظيم، وهذا مطار يليق بأبها، ومناسب».

قد تبدو الجُمل بسيطة وعفوية، لكنها في عمقها تحمل فلسفة قيادة، ورؤية دولة، ومنهج تمكين، وسرعة إنجاز، ومقاييس جودة عالمية. هذه ليست فقط إشادة بمشروع، بل هي وثيقة ناعمة من الثقة والاعتماد والتمكين، وتوجيه مباشر لا يخلو من إشارات عالمية.

القيادة بالتقدير لا بالتقليدية

كلمات سموه تختصر نموذجًا فريدًا في القيادة السعودية الجديدة. فهو لا يقدّم التوجيهات من برج عاجي، بل يتواصل مباشرة، يطّلع على التفاصيل، ويثني بوضوح عندما يرى الإبداع.

قوله: «فوستر عظيم» هو إشارة إلى شركة فوستر + بارتنرز البريطانية، إحدى أكبر وأشهر شركات التصميم المعماري في العالم التي تأسست عام 1967م. تعني هذه العبارة أن القيادة السعودية تسعى دائمًا لأن تكون البنية التحتية بمعايير عالمية لا تقلّ عن العواصم الكبرى.

(استخدام كلمة «فوستر» هو أكثر من تقييم معماري.. هو توقيعٌ على رؤية تعترف بالإبداع وتعتمد على الجودة العالمية).

التمكين الحقيقي: ثقة تُمنح بصوتٍ بسيط

عبارة «هذا مطار يليق بأبها، ومناسب» ليست مجرد تعليق، بل شهادة ثقة. هذه الكلمات تمنح الأمير تركي بن طلال صلاحية معنوية ومهنية لإتمام المشروع دون بيروقراطية.

الثقة هنا تأتي في سياق تمكين حقيقي للقيادات المحلية، وفق توجهات رؤية 2030 التي تعطي المسؤول الإقليمي الأدوات والصلاحيات لاختصار الزمن، وتجاوز المصاعب.

(التمكين ليس فقط منح صلاحية، بل تحميل ثقة عالية المستوى تستند إلى الاحترام والخبرة والمسؤولية).

اختصار الزمن: كيف تقود الواتساب الإنجاز؟

في الدول التي تعاني البيروقراطية، المشاريع قد تتأخر لأشهر في انتظار توقيع أو اجتماع. أما في السعودية الجديدة، فمحادثة واتساب تفتح مشروعًا بعشرات المليارات.

هذا النموذج يختصر ما يسمى في الإدارة بـ«Agile Leadership» – القيادة الرشيقة، التي تقوم على:

• سرعة اتخاذ القرار

• كفاءة التواصل

• اختصار الإجراءات

• وضوح الرؤية من القمة للقاعدة

«مشاريع الدول العظمى لا تنتظر الطاولة، بل تتحرك من الجوال».

رسالة غير معلنة: أبها في قلب الرؤية

عندما يقول ولي العهد إن هذا المطار «يليق بأبها» فهو لا يمدح مطارًا فقط، بل يرفع شأن منطقة عسير بالكامل.

هي رسالة غير مباشرة بأن أبها ليست هامشًا تنموياً، بل ضمن الخط الأمامي للرؤية الوطنية، ومؤهلة لاستقبال مشاريع عالمية في السياحة والضيافة والنقل وكونها إحدى المُدن التي ستستضيف مباريات بكأس العالم 2034م.

وهو أيضًا تقدير عميق لمكانة أبها الجمالية والثقافية والتراثية، وتأكيد على أنها تستحق مطارًا بمقاييس «فوستر» لا بمقاييس الماضي.

الأسلوب القيادي الجديد: قيادة بروح عالمية وقلب محلي

تعليق سموه يكشف عن أسلوب القيادة السعودية الحديثة:

الأسلوب التقليدي
أوامر عمومية
مركزية القرار
تأخير الموافقات
التقييم بعد التنفيذ
هذا الأسلوب مستوحى من أفضل التجارب الإدارية العالمية، مثل الشركات الكبرى (Tesla, Apple, Amazon) التي تعتمد على سرعة التواصل والثقة في القيادات التنفيذية.

نموذج مُلهم للإدارة المحلية

من جهة أخرى، فإن الأمير تركي بن طلال يشكّل نموذجًا في القيادة التنفيذية الميدانية، التي لا تكتفي بالتقارير المكتبية، بل تقف على الأرض، تُدير، وتتابع، وتحفّز، وتفتح الأبواب.

هذا التفاعل المتبادل بين ولي العهد والأمير تركي يعكس:

• التقاء الرؤية الوطنية بالإدارة المحلية.

• دمج الطموح بالمسؤولية.

• إدارة متجانسة بين القمة والقاعدة.

قوة التفاصيل في صياغة مشاريع المستقبل

حين يعلق القائد على تصميم مطار أو هوية معمارية، فهذا يؤكد أن المشاريع لا تُقاس بعدد الأمتار، بل بجمال التصميم وملاءمة الهوية الثقافية للمكان.

كلمة «مناسب» هنا ليست بسيطة، بل تعني:

• مناسب للطبيعة.

• مناسب لهوية أبها.

• مناسب لرؤية 2030.

• مناسب للمستقبل، لا الماضي.

شعبية قائد وتفاعل عفوي يحمل الولاء والفخر.

مع تداول صورة العرض الخاصة بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي ظهرت ضمن محادثته مع الأمير تركي بن طلال، لفتت أنظار المواطنين بساطتها وصدقها وارتباطها برمزٍ أصبح جزءًا من وجدان الشعب.

لم تكن مجرد صورة عرض، بل كانت رمزًا للقرب من الناس، والبساطة التي تُخفي خلفها قائدًا يغيّر وجه الوطن بأفعال لا بضجيج. وقد تفاعل المواطنون مع هذه التفاصيل على نطاق واسع، مجسّدين بذلك حبًا فطريًا وولاءً نابعًا من قناعة حقيقية بصدق هذا القائد وإنجازاته.

وفي ذات المحادثة، اختار أمير منطقة عسير أن يُخاطب سموه بلقب «القائد»، وهو لقب يحمل دلالة عميقة:

فهو ليس مجرد وصف سياسي، بل اعتراف من رجل ميداني بقيادة تصنع التحول، وتوجه بالثقة، وتلهم الجميع بالعمل والحلم والإنجاز.

أن يُقال عنك «قائد» من مسؤول ميداني يعني أنك لم تفرض سلطتك، بل ألهمت من حولك بمثال حي.

وأن يتداول الشعب صورتك بحب عفوي، فاعلم أنك دخلت القلوب قبل أن تعتلي المناصب.

خاتمة: قيادة تُراهن على التفاصيل.. لتبني وطنًا عظيمًا

ما بين عبارة «فوستر عظيم» و«مناسب» تمتد فلسفة كاملة:

فلسفة القيادة الجديدة التي تؤمن بأن الإنجاز يبدأ من فكرة، ويتحقق بثقة، ويُختَصر عبر تواصل، ويُنجز بمعايير العالم المتقدم.

ليست مجرد محادثة، بل رسالة وطنية عميقة.

«إذا كانت القيادة تتحدث بهذه اللغة، فاعلم أن الوطن يسير في الاتجاه الصحيح».

أخبار ذات صلة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى