الرياضة النسائية في المملكة العربية السعودية بدأت حُلمًا.. وأصبحت واقعًا يحكي قصة نجاح لامست القمة

الرياض في 18 أبريل/ بنا /شهد القطاع الرياضي في المملكة قفزة نوعية كبيرة خلال الفترة الأخيرة، انعكست بشكل واضح على الرياضة النسائية، التي تحوّلت جذريًا في ظل رؤية المملكة 2030، وأصبحت جزءًا أساسيًا من جهود الدولة نحو تمكين المرأة وتعزيز جودة الحياة.
بدأت المرأة السعودية مسيرتها الرياضية بخطى طموحة، وسرعان ما أصبحت تنافس على الساحة العالمية، محققة انتصارات وطنية متتالية، لتروي قصة إلهام تحققت بفضل عزيمة امرأة عاشت حلمها وحققته، في ظل رؤية فتحت آفاقًا واسعة في مختلف المجالات، من بينها الرياضة للرجال والنساء على حد سواء. وقد حظيت الرياضة النسائية بدعم واهتمام القيادة في المملكة العربية السعودية التي ذللت الصعاب، وهيّأت الإمكانات، ومهّدت الطريق، بمتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل، وزير الرياضة، الذي سخّر جهده ووقته لتحقيق أهداف الرؤية في المجال الرياضي، ودعم الجنسين على حد سواء.
وانطلاقًا من التزام المملكة بتمكين المرأة، شُرِعَت العديد من الخطوات لدعم الرياضة النسائية، تمثلت في تطوير البنية التحتية، وإنشاء مرافق رياضية مخصصة للنساء، مثل الصالات والملاعب، إلى جانب توسيع المرافق العامة كالمتنزهات ومسارات المشي. كما أُطلقت برامج رياضية تستهدف النساء، وركّزت على تأهيل الكوادر النسائية، ما أسهم في رفع كفاءة المدربات والمسؤولات، ومهّد لمشاركة المرأة في المنافسات المحلية والدولية، وتحقيق إنجازات باسم المملكة في المحافل الرياضية.
وقبل عام 2010، اقتصرت ممارسة المرأة السعودية للرياضة على أنشطة محدودة وغير رسمية في المدارس والأندية الخاصة، حتى شهد عام 2012 أول مشاركة نسائية رسمية في أولمبياد لندن، عبر وجدان علي سراج في رياضة الجودو، وسارة العطار في ألعاب القوى.
وفي عام 2019، صدر قرار تأسيس أندية رياضية خاصة بالسيدات، ليشهد ذلك العام تحوّلًا نوعيًا في المشاركات الخارجية من خلال وجود فرق نسائية في بطولات إقليمية وعالمية، مواكبًا مستهدفات رؤية 2030 الرامية إلى رفع نسبة ممارسة الرياضة في المجتمع. وقد ارتفعت نسبة مشاركة النساء في الرياضة بأكثر من 150% منذ إطلاق الرؤية، وبلغ عدد الرياضيات المسجّلات في مختلف الألعاب أكثر من 330 ألف فتاة، إضافة إلى زيادة أعداد المدربات والحكمات، وارتفاع عدد المشاركات في دوري المدارس إلى أكثر من 70 ألف لاعبة، ووجود 37 فريقًا وطنيًا للسيدات، و97 مدربة. كما شهدت الساحة تأسيس فرق نسائية في رياضات متعددة مثل كرة القدم، وكرة السلة، والمبارزة، والتايكوندو، وغيرها.
وكان للاتحاد السعودي للرياضة للجميع دور محوري في دعم الرياضة النسائية، من خلال إطلاق دوري كرة القدم للسيدات على المستوى المجتمعي، فيما نظم الاتحاد السعودي لكرة القدم “الدوري السعودي الممتاز للسيدات”، وهو أعلى بطولة رسمية في كرة القدم النسائية. وانطلقت النسخة الأولى في 13 أكتوبر 2022 بمشاركة ثمانية فرق، كما خاض المنتخب النسائي السعودي في العام نفسه أول مباراة دولية له، وفاز على منتخب سيشيل بنتيجة 20.
وتواصل وزارة الرياضة دعمها للرياضة النسائية من خلال التنشئة المبكرة، بالتعاون مع وزارة التعليم، عبر إدخال التربية البدنية للفتيات في المدارس، ما ساهم في نشر الوعي بأهمية الرياضة لدى الأسر، وجعلها جزءًا من نمط الحياة. وتوالت الإنجازات بعدها، إذ استضافت المملكة عام 2023 بطولات نسائية دولية في رياضات مختلفة، منها الملاكمة، والجودو، والغولف، والشطرنج، كما حققت السعوديات ميداليات بارزة في ألعاب القوى، التايكوندو، والكاراتيه.
وانعكست هذه الجهود في بروز الأسرة السعودية كأسرة رياضية، في ظل مشاريع تهدف لبناء مجتمع صحي لجميع الفئات، عبر نوادي الحي التي شهدت إقبالًا كبيرًا من النساء لممارسة الرياضة بانتظام، وهو ما انعكس على صحتهن ولياقتهن.
ومن بين الأسماء النسائية البارزة في الرياضة، اللاعبة يارا الحقباني، المتوّجة بذهبية التنس في دورة الألعاب السعودية مرتين، والفائزة بكأس بطولة الاتحاد الدولي للناشئات. كما برزت اللاعبة دنيا أبو طالب في رياضة التايكوندو، بحصولها على ذهبية العرب عامي 2020 و2024، وبرونزية آسيا 2022، وبرونزية العالم في المكسيك، وتصنيفها الرابع عالميًا لوزن 53 كجم، وتتويجها كأفضل لاعبة عربية في 2022.
وشهدت الساحة الرياضية حضور بطلات أخريات، منهن العدّاءة سارة العطار، والسائقة دانية عقيل، والمبارزتان لبنى العمير والحسناء الحماد، والملاكمة هتان السيف، والفارسة دلما ملحس، ولاعبة الجودو وجدان سراج.
ومن البطلات الواعدات أيضًا، يارا العمري، صاحبة أول ميدالية آسيوية في تاريخ الملاكمة النسائية السعودية، والتي حصدت في عامين فقط 10 ميداليات، منها 8 ذهبيات، ورياضة السيارات التي شهدت بروز ريما الجفالي، كأول سعودية تنال رخصة سباقات، وتحقيقها مراكز متقدمة دوليًا.
وخلال مؤتمر الاستثمار الرياضي الذي عُقد مؤخرًا بالرياض، أكدت أضواء العريفي، مساعد وزير الرياضة لشؤون الرياضة، أن عدد الأندية النسائية تخطى 400 نادٍ، في حين استفادت المرأة من برامج أكثر من ألف نادٍ رياضي.
فيما أوضحت الدكتورة مزنة المرزوقي، المدير العام لمعهد إعداد القادة، أهمية الاستثمار في الرياضة النسائية بوصفه مجالًا واعدًا، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تنظيم السياسات الرياضية لتمكين المرأة في مجالات الإدارة والقيادة، وتوفير وظائف مستدامة وفرص نمو ضمن بيئة شاملة وداعمة.
ت.و, Z.I