اخبار الإمارات

ألعاب رقمية على «روبلوكس» غير آمنة ولا تناسب الطفل

أعرب تربويون وذوو طلبة عن مخاوفهم من منصة الألعاب الرقمية «روبلوكس»، التي تستهدف الطلبة في من عُمر سبع سنوات إلى 17 سنة، معتبرين أنها «لعبة ترفيهية تُنشئ جيلاً عنيفاً».

وفيما حذّر متخصصون في علم النفس والتربية الأسرية من آثارها السلبية ومخاطرها على الصحة النفسية، كشفت بيانات ومعلومات مصادر رسمية وتقارير دولية، انتشار ألعاب «روبلوكس» في مجتمع الإمارات خلال عامي 20242025 بشكل لافت، بين شريحة كبيرة من الطلبة.

وتفصيلاً، روت التربوية إيمان فؤاد لـ«»، تجربة عاشتها مع طفلتها ذات السبعة أعوام، وقالت: «كنت أراقب ابنتي باستمرار أثناء اللعب، لكن لم أتمكن من التحكم في الأشخاص الآخرين الذين يتواصلون معها داخل اللعبة، بعضهم كان يوجهها إلى غرف مشبوهة، وآخرون يتحدثون إليها بكلام غير لائق وصادم، وهنا لم يعد الأمر مجرد لعبة، بل أصبح عالماً مفتوحاً يصعب ضبطه»، محذّرة من خطورة بعض الألعاب الإلكترونية الشهيرة على منصة «روبلوكس»، التي تحوّلت من وسيلة ترفيه بريئة إلى بيئة افتراضية غير آمنة، ومملوءة بمحتوى غير أخلاقي وإيحاءات جنسية وألفاظ نابية، لا تناسب أعمار الأطفال، وتهدّد براءتهم.

وأضافت: «لمست أثر اللعبة في سلوك ابنتي بشكل مباشر، إذ ازدادت حركتها بشكل مفرط، وتشتت انتباهها، وبدأت تميل إلى العزلة والانغلاق، وتناست تناول الوجبات، كأنها تعيش في واقع افتراضي بعيد عن بيئتها الطبيعية، وكان هذا بمثابة ناقوس خطر حقيقي».

تجربة تربوية

وامتدت التجربة إلى المدارس، حيث قالت مسؤولة قسم المرحلة الابتدائية في إحدى المدارس الخاصة (سما.م): «لاحظنا في الفترة الأخيرة ازدياد السلوكيات العدوانية بين الطلاب، وعند الجلوس معهم ومناقشتهم فردياً، اكتشفنا أن القاسم المشترك بينهم هو لعبة روبلوكس». وأضافت أن الطلاب كشفوا عن وجود غرف سرية داخل اللعبة، تتضمن محتوى غير لائق وإيحاءات لا تناسب أعمارهم، مشيرة إلى خطورة التفاعل مع غرباء عبر اللعبة من دون رقابة.

وذكرت التربوية خلود فهمي أن إدارة المدرسة تتحرك سريعاً في تلك الحالات، بالإحالة إلى الاختصاصيين لمتابعتهم نفسياً وسلوكياً، إلى جانب توعية أولياء الأمور بمخاطر اللعبة، ووضع ضوابط لاستخدامها.

وشددت على أن حماية الأطفال تبدأ من البيت، عبر المتابعة وتقديم البدائل المناسبة، مؤكدة أن «التكنولوجيا أداة مفيدة، لكنها من دون ضوابط تتحول إلى خطر يهدد براءة الأطفال».

وأكدت نورهان منير، (أمّ لطفلين)، أنّ الخطر الأكبر يكمن في الشراء داخل التطبيق، وقالت: «فوجئت بفاتورة قدرها 240 درهماً خُصمت من بطاقتي لشراء عملة روبلوكس».

أما مروان حسان، فيرى أن لوحة التحكم الأبوية التي أُطلقت هذا العام أعانته على تقييد زمن الشاشة وربط حساب ابنته بحسابه الشخصي، لمتابعة قائمة الأصدقاء أولاً بأول.

وقال (فارس 12 سنة)، طالب في الصف السابع في إحدى المدارس الخاصة، إنّه يقضي نحو ساعين يومياً في تصميم خرائط بسيطة مع زملائه داخل «روبلوكس»، وأضاف: «أُوقف خاصية الدردشة فور دخول غرباء، لأن والديّ نبهاني إلى ذلك».

وترى (عهد 11 سنة) أن اللعبة «ممتعة لكنها تصبح مقلقة عندما أخسر فيتغير مزاجي»، مؤكدةً أنّ والدتها تضع لها مؤقتاً لا يمكن تجاوزه.

بيانات وإحصاءات

زارت «» منصة «روبلوكس» وتجولت في محتواها، فوجدت ألعاباً متنوعة، تشمل العنف والمغامرات، إلى جانب غرف دردشة مفتوحة من دون أي ضوابط واضحة لتحديد عمر المستخدم، ما يُسهّل وصول الأطفال إلى محتوى غير مناسب لمرحلتهم العمرية، ويُعرّضهم للتواصل المباشر مع غرباء، في بيئة افتراضية تفتقر إلى الرقابة الصارمة، وهو ما يثير مخاوف أولياء الأمور والخبراء التربويين على حد سواء.

ووفقاً لبيانات ومعلومات منصات رسمية لتحليل التطبيقات، مثل (Sensor Tower وAppMagic و Statista.com)، يظهر أن «روبلوكس» من بين الألعاب الثلاث الأكثر تحميلاً خلال عام 2024، وتجاوز متوسط المستخدمين النشطين أسبوعياً للمنصة 1.2 مليون، وتستحوذ الإمارات على 30%35% من هذا الرقم نظراً إلى معدل استخدام الأجهزة الذكية فيها.

وارتفع عدد المستخدمين النشطين أسبوعياً في الإمارات من نحو 340 ألفاً نهاية عام 2023 إلى نحو 400 ألف بحلول منتصف 2024، ما يمثّل تقريباً ثلث الفئة العمرية بين سبع سنوات و17 سنة، والتي تُقدّر بنحو 1.1 مليون طفل ويافع.

وسجّل متوسط عدد المستخدمين النشطين أسبوعياً خلال عامي 20242025 ما بين 380 و420 ألف مستخدم.

زخم إضافي

وأفادت تقارير Sensor Tower بأن «روبلوكس» جاءت في المركز الثاني بين أكثر التطبيقات تحميلاً في المدارس الدولية والخاصة، مع تفضيل واضح لاستخدام أجهزة iPad وiPhone، ما يفسّر الفارق بين أرقام iOS وأندرويد.

وشهدت المنصة إقبالاً واسعاً بعد إطلاق الواجهة العربية في فبراير 2025، ما شجّع المزيد من أولياء الأمور على السماح لأبنائهم بتجربتها، وأدى إلى تضاعف المحتوى المرتبط بها على «إنستغرام» و«تيك توك» خلال أقل من ستة أشهر. وتعكس هذه الأرقام تحوّل «روبلوكس» من ظاهرة جديدة إلى جزء من السلوك الرقمي اليومي لعدد كبير من طلبة الإمارات في 20242025، ما يفسّر دعوات المتخصصين إلى تكثيف الرقابة الأبوية والإرشاد المدرسي، بما يتناسب مع حجم انتشارها.


4 مخاطر

حددت الاختصاصية النفسية والتربوية نور رفيق أبوسنينة أربعة مخاطر تُعدّ الأكثر تداولاً محلياً على الرغم من التحسينات التي أنجزتها منصة «روبلوكس»، أبرزها المحتوى غير المناسب الذي قد يتضمن مشاهد عنف أو إيحاءات جنسية، والتنمّر والتحرّش الإلكتروني عبر غرف الدردشة المفتوحة، والإفراط في الشراء بواسطة عملة «روبلوكس»، وما يترتب عليه من أعباء مالية مفاجئة، والإدمان الرقمي الناتج عن الجاذبية العالية لعوالم اللعب والتصميم التشاركي.

وقدمت ست توصيات تربوية عملية، تتضمن وضع عقد عائلي رقمي يحدد أوقات وأيام اللعب ويسمح بمراجعة دورية، وتفعيل جميع إعدادات الرقابة الأبوية وربط حساب الطفل بحساب ولي الأمر، لمتابعة زمن الشاشة وقائمة الأصدقاء، ومشاركة الطفل اللعب أحياناً، لفتح حوار حول ما يراه ويختبره، وتوجيهه نحو التجارب التعليمية داخل المنصة، واعتماد بطاقات مسبقة الدفع أو تعطيل عمليات الشراء من الجهاز، لتجنّب الفواتير غير المتوقعة.

وشددت ضمن توصياتها على تشجيع أنشطة بديلة في الواقع، مثل: الرياضة، القراءة، الهوايات الفنية، لتحقيق توازن صحي بين العالمين الرقمي والحقيقي، وتذكير الأبناء برقم خط حماية الطفل، للإبلاغ عن أي استدراج أو محتوى غير مناسب.

تحديثات وإجراءات

أعلنت «روبلوكس» في نوفمبر 2024، حزمة تحديثات جوهرية، شملت تقييد الرسائل الخاصة لمن هم دون 13 عاماً وربط حسابات الأبناء بحسابات الوالدين، إضافة إلى تصنيفات محتوى أكثر دقة وأدوات لمراقبة زمن الشاشة عن بُعد.

Google Newsstand

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى