أنظمة سداد الرسوم في المدارس الخاصة «مأزق حقيقي» يُرهق الأسر
تُشكل أنظمة سداد الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة مأزقاً حقيقياً لأولياء الأمور، ويبقى غياب التنظيم والمرونة في أنظمة الدفع عقبة رئيسة، وتكمن المعالجة المثلى في وجود إطار تنظيمي واضح وموحد، يُخفف من تلك الأزمة ويُعيد التوازن إلى علاقة المدارس بأولياء الأمور.
وقال ذوو طلبة لـ«» إن قضية الرسوم الدراسية وطرق سدادها باتتا مصدر قلق رئيساً للآباء، ورغم جهود الجهات القائمة على إدارة وتنظيم التعليم الخاص في مختلف إمارات الدولة، فإن مدارس خاصة عدة لاتزال تُمارس سياسات «مجحفة» لتحصيل الرسوم الدراسية، ما يُثقل كاهل الأسر ويربك ميزانيتها المعيشية.
في المقابل، تباينت آراء إدارات المدارس، إذ أكّدت شريحة أن الرسوم الدراسية توزّع على ثلاثة أقساط متساوية على مدار العام الدراسي، بواقع من 30 إلى 35% في كل قسط، فيما ارتأت شريحة أخرى أن ولي الأمر ملتزم بسداد الرسوم وفق الضوابط التي تضعها المدرسة، لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها التشغيلية.
ورصدت «» تفاوتاً واضحاً في اتجاهات تحصيل الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، حيث تفرض مدارس دفع 50% من الرسوم مقدماً قبل بداية العام الدراسي ، مع تقسيم البقية على دفعتين، بينما تشترط أخرى السداد الكامل مقدماً، في حين تعتمد مدارس أنظمة دفع أكثر مرونة إذ تُقسم الرسوم على ثلاث أو أربع دفعات، وأظهرت النتائج غياب إطار موحد ينظم عملية التحصيل في قطاع التعليم الخاص.
وأكد خبراء أهمية وضع ضوابط وآليات موحدة لتنظيم عملية سداد الأقساط المدرسية ومواعيدها، بعيداً عن أساليب «التهديد» التي تتبعها بعض المدارس عند تأخير الدفع، مع ضرورة توازن هذه الضوابط بين احتياجات المدارس وقدرات أولياء الأمور، لتقليل الجدل وسد فجوة الاختلافات في الميدان.
50 % مقدماً
وتفصيلاً، أجمعت آراء ذوي طلبة على أن كل مدرسة تتفنن في وضع ضوابط خاصة بها في عملية سداد الرسوم الدراسية، من دون مراعاة لظروف الأسر الحياتية وميزانياتها، إذ قال أولياء الأمور: حمد آل علي، ومحمد علي، وميثاء محمد، وسميحة مهران، إن مدارس أبنائهم فرضت عليهم سداد 50% من قيمة الرسوم الدراسية لأبنائهم دفعة واحدة، مع بداية العام الدراسي، والبقية على قسطين متتاليين خلال الدراسة، على أن يسدد كامل الرسوم في مارس المقبل.
وقالوا إن مطالبات المدارس دائماً مصحوبة بلهجة «تهديد» وتوقف الخدمات، مثل استخدام الحافلات، أو منع الطالب من الدراسة لمدة أسبوع، في حال عدم السداد في المواعيد التي تقررها المدارس، ما يرهق الأسر مالياً ولا يتيح لها فرصة التخطيط المسبق.
وأكّدوا عدم قدرتهم على سداد 50% من الرسوم الدراسية كقسط إلزامي من الرسوم، لاسيما أنهم يواجهون صعوبات مالية، ولديهم أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة، مع اختلاف وتفاوت الرسوم الدراسية من مرحلة لأخرى، ونفدت قدرتهم على تحمل أعباء الرسوم الدراسية المرتفعة، وما تفرضه إدارات المدارس من أقساط الدفعات يفوق قدراتهم.
عدم استقرار
وأكّد كل من سمية سالم وخالد إبراهيم وملك عبدالله وحمدان سليم، أن طرق السداد التي تختلف من مدرسة لأخرى تجعل أولياء الأمور في حالة عدم استقرار ومعاناة مستمرة وضغوط نفسية ومالية كبيرة، لاسيما أن بعض المدارس تهدف إلى تحصيل رسوم العام الدراسي الجاري، وتطالب بعدها بجزء جديد من رسوم العام الدراسي المقبل، رغم عدم انتهاء الدراسة في هذا العام، مطالبين بضوابط واضحة تنظم عملية السداد بعدالة وشفافية تراعي الأطراف كافة.
4 تحديات
ولخّص ذوو الطلبة: حسين عبدالله، وميثاء حمدان، وعلياء مروان، وأحمد فريد لـ«» أربعة تحديات تواجه الأسر، بسبب عدم وجود ضوابط لتحصيل رسوم الطلبة وتعدد طرقها واختلافها من مدرسة لأخرى، أبرزها الضغوط المالية إذ إن معظم الأسر تعتمد على رواتبها الشهرية لتغطية التزاماتها، وغياب الشفافية، نظراً إلى غياب المعلومات الكافية حول سياسات الدفع قبل التسجيل، والغرامات والعقوبات التي تفرضها بعض المدارس في حال التأخير في السداد تُشكل تحدياً جديداً، يزيد من الضغوط على أولياء الأمور، وعدم وجود إطار موحد ينظم أنظمة السداد في المدارس الخاصة، ما يؤدي إلى تفاوت كبير بين مدرسة وأخرى، ويخلق شعوراً بعدم العدالة بين الآباء.
مدارس خاصة تردّ
«» التقت عدداً من مديري المدارس، بينهم حميدان ماضي وخالد علي وخلود فهمي، لبحث تفاصيل تلك الإشكالية، إذ أكّدوا أن الرسوم الدراسية تُقسّم بطريقة تُراعي القدرة المالية للأسر، والمدارس تقدّم تسهيلات متعددة لأولياء الأمور، خصوصاً ذوي الدخل المحدود.
وأوضحوا أن إطار سداد الرسوم الدراسية في مدارسهم «عادل»، ويراعي قدرات أولياء الأمور المالية، حيث يمكن لأولياء الأمور دفع الرسوم على ثلاث دفعات متساوية، شريطة ألا تقل الدفعة الأولى عن 35% من إجمالي الرسوم، مع استثناء رسوم الكتب والزي المدرسي والدفاتر، التي تُتاح بشكل اختياري.
ميزانيات وتسهيلات
وفي ردّهم عن سؤال عن تفاصيل الميزانية التشغيلية، أوضحوا لـ«» أنها تشمل رواتب المعلمين، والنفقات التشغيلية، والمرافق التعليمية، والبرامج الأكاديمية، وأشاروا إلى أنها تستند بشكل أساسي إلى الرسوم الدراسية، لكنها لا تتسبب في زيادة الأقساط أو نقصانها، وأكّدوا أن المهم هو التزام ولي الأمر بسداد الرسوم الدراسية كاملة قبل نهاية العام الدراسي.
وقالوا: «هناك تسهيلات تقدّمها المدارس لأولياء الأمور، لا سيما من ذوي الدخل المحدود، مثل توفير منح دراسية للطلاب المتفوقين من الأسر ذات الدخل المحدود، وخصومات للأسر التي لديها أكثر من ابن في المدرسة، فضلاً عن إمكانية تقسيط الرسوم الدراسية، وتأجيل الدفع في حال وقوع ظروف طارئة، وجميعها لضمان استمرارية الطلاب في الدراسة، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي».
مصدر أساسي
في المقابل، برّرت شريحة أخرى من مديري المدارس الخاصة، فضّلوا عدم الكشف عن أسمائهم، إلزام أولياء الأمور بسداد 50% من قيمة الرسوم وتقسيم البقية إلى «دفعتين»، لضمان استقرار المدارس مالياً، إذ إن الرسوم الدراسية تُعد المصدر الأساسي لدخل تلك المدارس، مشيرين إلى أن عدم تحصيل الرسوم الدراسية بالكامل يؤدي إلى مشكلات مالية تؤثر في جودة التعليم.
وأكّدوا أن تحصيل القسط الأول بنسبة 50% يُعد ضمانة لاستمرارية العملية التعليمية، إذ تحتاج المدارس إلى موارد مالية كافية لتوفير تعليم عالي الجودة، ويضمن هذا الإجراء التزام ولي الأمر بمسؤولياته التعليمية تجاه أبنائه، ويساعد المدارس على الوفاء بالمصروفات التشغيلية، مثل الرواتب وغيرها.
وفي ما يتعلق بقانونية هذه السياسات، أكّدوا أن وضع الإطار المناسب لتحصيل الرسوم الدراسية يُعد حقاً مكفولاً للإدارات المدرسية، بما يتماشى مع خططها التشغيلية وأوضاعها، ومع ذلك، لم يقدّموا إجابات واضحة بشأن حصولهم على موافقة مسبقة من الجهات المعنية على طريقة السداد، ولم يقدّموا رداً واضحاً على أوضاع الطلاب الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالدراسة بسبب هذه الممارسات.
في المقابل، يرى بعض المديرين أن وجود إطار تنظيمي موحد قد يساعد الجميع، ويقول أحدهم: «إذا وُجدت قوانين واضحة ومُلزمة، ستتمكن المدارس من العمل بمرونة أكبر وسيتفهم أولياء الأمور طبيعة الأنظمة».
اتجاهات متاحة
وكشفت عملية رصد «» للاتجاهات المتاحة لسداد الرسوم في الميدان، أن هناك اختلافاً في طرق السداد من مدرسة لأخرى، حيث اشترطت مدارس سداد 50% من قيمة الرسوم للقسط الأول والبقية على دفعتين، ما أعاق التحاق أعداد كبيرة من الطلبة بالدراسة لعدم قدرة آبائهم لاسيما الذين لديهم أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة.
وتعددت المسببات من إدارات المدارس، فتارة تحاكي الميزانية التشغيلية، وأخرى تركز على جدولة الأرباح بحيث تكون مستمرة على مدار العام الدراسي بناء على تعليمات ملاك تلك المدارس.
لكن، هناك إدارات أكثر مرونة في طريقة توزيع أقساط السداد، إذ جاءت متساوية تقريباً على مدار العام الدراسي بواقع 35% للقسط الأول و30% للثاني و35% للثالث، فكان هناك إقبال كبير عليها من قبل الآباء بعيداً عن القيمة الإجمالية لرسوم الدراسة.
4 حلول
اقترح الخبير التربوي عبدالله مصطفى، أربعة حلول لاحتواء تلك الإشكالية، أهمها توحيد أنظمة السداد لجميع المدارس الخاصة، وتحديد عدد الدفعات والنسب المطلوبة مقدماً، وإشراف ومتابعة ومراقبة مستمرة من المعنيين، لضمان الشفافية والعدالة، وإيجاد مرونة أكبر وتوفير خيارات دفع تناسب الفئات كافة، والتوعية الدائمة للجميع بسياسات السداد المختلفة قبل التسجيل.
معطيات وتشاور
تعتمد الجهات المعنية بالتعليم الخاص الرسوم المقررة وفق اللوائح وتقييمات المدارس سنوياً، ولكنها منحت الإدارات حق جدولة الرسوم الدراسية، وفق المعطيات والتشاور مع أولياء الأمور في إطار العقود المعتمدة.
• ذوو طلبة: نواجه تحديات لعدم وجود ضوابط لتحصيل الرسوم المدرسية.
• مديرو مدارس: ولي الأمر ملزم بسداد الرسوم وفق ضوابط المدرسة.
• خبير تربوي: يجب توحيد أنظمة السداد لجميع المدارس الخاصة.