اخبار الإمارات

«إخفاء الأسرار» عن شريك الحياة.. «غش» في عقد الزواج

قد يضطر أحد الزوجين إلى إخفاء بعض الأسرار والحقائق عن شريكه قبل الارتباط، واختيار عدم البوح بها من منطلق أنها أمور شخصية حدثت له قبل الزواج، ولا يحق للطرف الآخر معرفتها، أو خوفاً من أن معرفتها قد تنتقص من قدره في نظر شريكه، لكن اكتشافها بعد الارتباط قد يؤدي إلى طلب الطلاق.

عقد الزواج هو الأرضية التي تنشأ عليها الحياة الزوجية، ويجب الكشف فيه عن أي حقيقة جوهرية قد تتعذر معرفتها إلا بصعوبة بالغة، كالمرض النفسي والأمراض المزمنة، وكل ما من شأنه التأثير في حياة الزوج، فإن قبل راضياً وإلا كان له حق التراجع، كما أن الغش لا يُتصوّر صدوره من جانب الزوجة فقط، فالزوج قد يغش بإخفاء الحقائق.

وتلقت «» استفسارات من زوجات يطلبن معرفة الموقف القانوني من طلب الطلاق للضرر، بعد اكتشافهن أسراراً كان أزواجهن يخفونها قبل الارتباط ولم يصارحوهنّ بها، وقد تم اكتشافها أخيراً، وسببت لهنّ ضرراً نفسياً، ومن ذلك إصابتهم بأمراض معينة أو وجود عادات غير صحية لديهم، أو كانت لديهم علاقات بأخريات.

من جانبه، أكد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، أهمية المصارحة بكل شيء قبل الزواج، حتى لا يكون اكتشافها المتأخر مصدراً للخلافات والنزاعات الزوجية، التي قد تسبب أضراراً أو غضباً لأحد الطرفين، الذي لا تكون لديه القدرة على التعايش والتأقلم معها، مؤكداً أن المصارحة ركيزة أساسية للزواج الناجح.

وتفصيلاً، قالت زوجة إنها اكتشفت بعد الارتباط أن زوجها أجرى عمليات زراعة أسنان، وتخرج من فمه رائحة كريهة، ولم يخبرها بهذا الأمر قبل الزواج، متسائلة هل يحق لها أن تطلب الطلاق لهذا السبب، لاسيما أنها لا تقدر على التعايش مع هذا الأمر.

كما أكدت أخرى أنها اكتشفت بعد تأخر الإنجاب لفترة طويلة ومراجعة أطباء، أن زوجها خضع لعلاج من مرض خطر في صغره، وسبب له عقماً، الأمر الذي حرمها فرصة الإنجاب، معربة عن أسفها لأنه لم يخبرها بهذا الأمر قبل الزواج.

وقالت زوجة أخرى إنها اكتشفت أن زوجها كان مرتبطاً بأخرى قبل زواجه منها، ولم يخبرها بهذا الأمر، لكنها اكتشفت ذلك بالصدفة من أحد معارفها، معتبرة أن إخفاءه عنها أمراً كهذا، سبب لها ضرراً نفسياً وأفقدها الثقة به.

وفي إحدى القضايا أقامت شابة (خليجية) دعوى قضائية بعد شهر واحد من الزواج (شهر العسل)، مطالبة بتطليقها والتنازل عن حقوقها، بعدما اكتشفت أن زوجها مصاب بمرض مزمن منذ طفولته، ويصعب عليها التعامل معه وتكوين أسرة مستقلة.

وأشارت إلى أن زوجها كان يبدو في حالة صحية سليمة وقادراً على تحمّل المسؤولية الأسرية والاجتماعية، إضافة إلى إعطائها حقوقها الزوجية، إلا أنها فوجئت بأنه عكس ما بدا تماماً، نظراً لمرض يعانيه منذ الطفولة.

وأضافت أنها لم تحتمل معاملته لها، لأنه يتجاهلها، ويصعب الحوار معه أو تخطيط مستقبلهما معاً، مؤكدة أنه لم يهيأ للاستقلال والاستقرار الأسري الذي يسمح له بتكوين أسرة وإنجاب أبناء، ورعايتهم لاحقاً أو تربيتهم بشكل سوي، نظراً لظروفه الصحية، وبعد تداول القضية استجابت هيئة المحكمة لطلبها وأصدرت حكماً بتطليقها.

وأفاد «أمين. ح» بأنه لا ينبغي لأحد أن يخفي حالته الصحية أياً كان نوعها عن الشخص الذي سيرتبط به. وأضاف: «هناك زيجات تنهار في غضون أشهر لأن أحد الشريكين أخفى إصابته بمرض نفسي، أو مرض مزمن»، متابعاً أنه «يحق للشريك أن يعرف مسبقاً حالة شريكه الصحية بالكامل، حتى يقرر ما إذا كان سيمضي قدماً في الارتباط به أم لا، لأن الحقيقة تظهر دائماً، عاجلاً أو آجلاً، وإخفاء أمور حاسمة مثل هذه يرقى إلى القسوة والغش والاحتيال».

وشرح أنه تزوج امرأة تعاني مرضاً يصعب عليه التعايش معه، ما اضطره للانفصال عنها.

وقال المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، إن الأصل أنه يجوز طلب التطليق للضرر، ولكنّ هناك شروطاً عدة لهذا الضرر، أهمها أنه يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف، ومن أنواع الضرر ما يترتب على مرض أحد الزوجين، ومن شروط المرض أن يكون منفراً أو مستحكماً، وقد أورد القانون الحالي أمثلة على ذلك، منها الجنون والبرص والجذام، والأمراض التي تمنع حصول المتعة الجنسية، كالعنّة والقرن ونحوهما، شارحاً أنه «في هذه الحالات يفسخ الزواج، سواء كانت العلة موجودة قبل العقد أم حدثت بعده، وكذلك في حالات المرض المعدي الذي يخشى منه الهلاك كالإيدز وما في حكمه، ولكن يسقط حق طلب الفسخ بالعلم بالعلة قبل العقد أو الرضا بعده صراحة أو دلالة، إلا في حالة العلة المانعة من المتعة الجنسية، وحالة المرض المعدي لدرجة الهلاك لا يسقط، وعلى ذلك إذا كان الزوج قد أجرى عملية قبل الزواج دون إفصاح، ولكن قد تم العلم بها بعد الزواج، فإن السكوت والرضا بها يسقط الحق في طلب التطليق بسببها. أما عند ثبوت عدم الرضا فيجوز طلب التطليق في هذه الحالة، وحتى في حالة السكوت والرضا، فإنه إذا كان الضرر والرائحة الكريهة في ازدياد، بما لا يمكن قبولها، فإن هذه الحالة من وجهة نظرنا تجيز طلب التطليق للضرر».

وأكد أنه من حق الزوجة طلب الطلاق للضرر في حال إثباتها أن زوجها أخفى عنها معلومة مهمة، سواء كانت المعلومة صحية أم أي شأن آخر، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بانتفاء جزء رئيس من المصلحة من الزواج وهو الإنجاب. وأشار إلى أن القانون أعطى الزوجة مدة سنة لإقامة دعوى التطليق من تاريخ علمها بما أخفاه عنها، وهو ما يعتبر «غشاً في عقد الزواج».

ووفّر المرسوم بقانون اتحادي بشأن قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذي أصدرته حكومة دولة الإمارات، المرونة اللازمة في تنظيم مسائل الأحوال الشخصية، وتسهيل الإجراءات وتوحيد المفاهيم والمدد القانونية، لتعزيز التماسك المجتمعي والاستقرار الأسري.

وشملت المميزات اختصار مدة التحكيم في دعاوى فسخ عقد الزواج للضرر إلى 60 يوماً، وحفظ حق الزوجين بعدم إجبار أي منهما على العيش مع شخص مدمن وغير مؤتمن على نفسه وأسرته.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى