اخبار الإمارات

«المرتزقة» يمكنهم المساعدة في إنهاء حرب أوكرانيا

يبدو أن تفاصيل خطة السلام التي ينوي الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذها في أوكرانيا، بدأت بالظهور شيئاً فشيئاً. وليس من المستغرب، بالنظر إلى العديد من المعطيات المتنافسة، أن تكون الخطة فوضوية بعض الشيء، كحصان صممه عدد من الأشخاص انتهى به الأمر حيث بدا وكأنه جمل.

لكن العديد من المسودات تشير إلى حقائق لا يمكن التهرب منها، فأوكرانيا باتت خالية من المقاتلين، وبات الجيش الروسي قريباً من حدود ما يمكن أن يحققه في ميدان المعركة. ولاتزال أميركا مصرّة على أنها لا تريد الزج بجنودها في معارك أوروبا، ولايزال حلفاء ترامب مترددين في إرسال أعداد كبيرة من جنودهم لحفظ السلام في أوكرانيا، دون دعم من الولايات المتحدة لردع روسيا عن زيادة التصعيد.

جيش من المتعاقدين

وبات أحد العناصر الذي يتفق عليه الجميع، على ما يبدو، هو الحاجة إلى نشر جيش خاص من المتعاقدين (جنود مستأجرون أو المرتزقة)، في أي خطة سلام يصنعها الغرب. ويبدو أنه من الضروري الدفاع عن إعادة إعمار أوكرانيا وحماية مناجم الفلزات المهمة والنادرة التي وافق ترامب على تطويرها مع كييف، بعد توقف الحرب، وتدريب القوات الخاصة الأوكرانية.

وهناك الكثير الذي ينبغي تحقيقه، مثل إصلاح المعدات الغربية المتضررة، وهناك ترتيبات حالية يستطيع من خلالها المهندسون الأوكرانيون الاتصال بخط أمن مع خبير أميركي للحصول على النصح بشأن كيفية إصلاح أنظمة الأسلحة المتطورة. لكن الطريقة الأمثل هي نقل المعدات المدمرة بالقطار عبر الحدود البولندية إلى قاعدة للولايات المتحدة موجودة هناك، وهو حل ليس جيداً على المدى البعيد. ويقوم الجيش الروسي الآن بمراقبة جميع تحركات أسلحة حلف شمال الأطلسي «الناتو» عن كثب، إلى غرب أوكرانيا وخارجه.

وبالطبع، فقد استخدمت موسكو وحدات من المقاتلين المتعاقدين طوال فترة الحرب، وإن كانت أصبحت أكثر حذراً بعد عام 2023، عندما قام قائد جيش «فاغنر» وهو يفغيني بريغوجي، بمحاولة انقلاب ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبالطبع فقد توفي بعد ذلك بوقت قصير.

 أرضية مريحة ومربحة

لكن «فاغنر» أعادت ترميم نفسها ولاتزال جزءاً من قطاع جيش من المتعاقدين، ويضم موظفين أمنيين سابقين في شركات حكومية مثل «غازبروم» ووكالة استكشاف الفضاء «روسكوزموس»، ولاتزال قوات «فاغنر» تُشكل جزءاً لا يتجزأ عن المجمع الصناعي العسكري، وهي أرضية مريحة ومربحة للجنود الباحثين عن المال، لكن بصعوبة.

ومن وجهة نظر بوتين فقد أثبتت قوات «فاغنر» نفسها في أول حرب ضد أوكرانيا عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها. وبالنسبة للغرب فإنهم ينظرون إلى نشر هذه القوات على أنها «غير نظامية»، وبهدف إرباك العالم. لكن بالنسبة لبوتين كانت قوات «فاغنر» تنفذ مهمات صعبة لا ينبغي زج الجيش النظامي فيها.

لكن حرب ضم شبه جزيرة القرم سارت كما يشتهي الرئيس الروسي، وقرّر أنه يمكنه توسيع نموذج «فاغنر»، كقوات ضاربة في أوكرانيا، والتي حققت إنجازات كبيرة خصوصاً عند سقوط مدينة «باخموت»، والتي يمكن أن تكون أيضاً بمثابة إحراج للقادة النظاميين الأكثر حذراً وتركيزاً على سلامة جنودهم خلال تنفيذ المهمات في ساحة القتال، ويبدو أن موسكو لديها الآن دور جديد لهم، وهو إعطاء سمة جذرية لمهمة «حفظ السلام» برمتها.

وصفة نجاح بوتين

وبالنظر إلى أن مرحلة ما بعد قوات «فاغنر» تظل جزءاً من وصفة نجاح بوتين، فمن الممكن أن تقوم بدور موازن لأي جهة يمكنها القيام بحماية الجانب الغربي من جبهة القتال. لكن وجود قوات من دول حليفة، ليس له مكان في أي سلام أوروبي، إذ سيتم استبدالها بمجموعات من المتعاقدين، الذين يحصلون على الضمانات الكبيرة المعتادة والأجور العالية للغاية، والتعويضات التي سيتم دفعها لعائلاتهم في حالة وفاة أحد هؤلاء المتعاقدين أو تعرضه لإصابة خطيرة.

وبالفعل بدأ تجنيد هؤلاء المتعاقدين، على الرغم من أن اتفاقية السلام لم تتم بلورتها بصورة علنية، وإنما لاتزال مجموعة من الأفكار التي لم يتم اختبارها، والتي ترى أنه لابد من تجميد خط المواجهة الذي لايزال موضع خلاف، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح بعرض 20 كيلومتراً. وسيتم مراقبة الجانب الأوكراني من المنطقة، من قبل القوات المسلحة الأوكرانية وخلفها سيكون هناك قوات حفظ سلام أوروبية.

تركيا والبحر الأسود

سيتم تدريب القوات الأوكرانية في أعماق هذا البلد من قبل مدربين بريطانيين وفرنسيين، وربما ألمان، وربما سيكون المدربون الخاصون جزءاً من العملية، حيث سيشاركون في واحدة من نقاط التوتر المتوقعة، وفي إعادة افتتاح المطارات الأوكرانية.

وتبدو الولايات المتحدة مستعدة لتزويد المعلومات الاستخباراتية الآنية، لقوات حفظ السلام، ومن المتوقع أن تقود تركيا عملية بحرية تهدف إلى جعل موانئ أوكرانيا على البحر الأسود مفتوحة أمام التجارة، فهل سينجح ذلك؟ وهل ستنجح هذه الترتيبات إذا قام الأميركيون بترؤس «رمزي» لقوات حفظ السلام، أو أن ذلك ربما سيسهل فرصة الرئيس بوتين للشكوى إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويدفعه إلى تقديم مزيد من التنازلات؟

ويرى مستشارو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مخاطر في المستقبل. ولكنه أصبح هو أيضاً منفتحاً على استخدام أكبر للمتعاقدين الأجانب، وهو يكافح الآن من أجل تجنيد نحو 27 ألف مجند تقريباً شهرياً. وتم تشديد تكتيكات التجنيد، وهي تراوح ما بين عصابات الضغط، ما أثر سلباً على جوهر شرعية زيلينسكي، الذي لايزال يحكم بقانون الأحكام العرفية. ويعبّر الروس عن سخطهم للتجنيد عن طريق إطلاق طائرات «درونز» على مراكز التجنيد. عن «التايمز» البريطانية


أوكرانيا تتعامل مع المتعاقدين

يجري النظر إلى المتعاقدين الداعمين لأوكرانيا محلياً باعتبارهم ذوي فائدة كبيرة، على الرغم من أنهم لم يغيروا شيئاً في ساحة المعركة. لكن تجنيد هؤلاء المتعاقدين يزيد تعقيد بعض الأسئلة الكبيرة التي تم التغافل عنها خلال حملة ترامب المتسرعة من أجل السلام العالمي.

فمن يدافع عن المصالح الغربية في أوروبا الشرقية إذا خسر الغرب الإحساس بأي شيء يستحق القتال من أجله؟ هل يمنح المحاربون المتعاقدون جنود أوكرانيا الوطنيين شهادة بنظافة أيديهم في ساحة المعركة، وعدم ارتكابهم لأي انتهاكات ضد القانون؟

ويسلط رسم خريطة لأوكرانيا في المستقبل، في جوهره، الضوء على حقيقة محبطة وقاتمة، مفادها أن المشاركين في حروب طويلة الأمد ومكلفة غالباً ما يخسرون القدرة على إنهائها. وربما يكون هذا هو الوقت المناسب للاستعانة بالمستشارين، أو المرتزقة، لإصلاح الأمور، أو لجعلها أكثر دموية.

. أوكرانيا باتت خالية من المقاتلين، وبات الجيش الروسي قريباً من حدود ما يمكن أن يحققه في ميدان المعركة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى