المستشار الألماني القادم يعتزم تعديل نظام «كبح الديون»

على مدى سنوات، كان نفور ألمانيا من الديون بمثابة هدف، ما أدى إلى نقص الاستثمار في الدفاع والبنية الأساسية، وأثقل كاهل الاقتصاد المحلي واقتصاد أوروبا ككل.
لكن على الرغم من أنه لن يصبح مستشاراً إلا بعد بضعة أسابيع، فإن فريدريش ميرتس، الذي فاز في الانتخابات الألمانية في 23 فبراير الماضي، نجح للتو في إنعاش اقتصاد بلاده بخطوة جريئة وجديرة بالثناء.
ففي الرابع من مارس الجاري، كشف ميرتس عن خطط لإدخال تعديلين على نظام «كبح الديون»، وهو أمر دستوري قائم منذ عام 2009، يسمح للحكومة بإدارة عجز هيكلي ضئيل للغاية، ومن أن يُستدعى البرلمان للتصويت على هذين التعديلين خلال الأسبوع المقبل.
وفي إشارة إلى أن التغيير جارٍ حقاً، ارتفعت عائدات السندات الألمانية طويلة الأجل، حيث بدأ المستثمرون الأقوياء في تقييم فرص الاقتراض.
البنية الأساسية
سينشئ الإصلاح الأول صندوقاً للبنية الأساسية معفياً من نظام كبح الديون بقيمة 500 مليار يورو، على مدى 10 سنوات، وهي زيادة تساوي نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا سنوياً. ومن شأن هذا أن يحرك الاقتصاد في الوقت المناسب. وكانت ألمانيا في حالة ركود خلال العامين الماضيين، وهي تتسارع مع نمو صفري تقريباً هذا العام أيضاً.
والناتج المحلي الإجمالي للبلاد هو بالضبط ما كان عليه قبل خمس سنوات، قبل أن تضرب جائحة «كورونا». وتعمل ألمانيا «البطيئة» على تقليص الطلب في جميع أنحاء القارة.
الإنفاق الدفاعي
والاقتراح الثاني لميرتس، والذي تم الاتفاق عليه أيضاً من قبل الديمقراطيين المسيحيين والديمقراطيين الاجتماعيين، الذين يقودون الحكومة المنتهية ولايتها، والذين يجري معهم الآن محادثات ائتلافية، هو أكثر أهمية. إنه ينص على إعفاء أي إنفاق دفاعي يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي من إجراءات كبح الديون تماماً.
وهذا يفتح الطريق أمام أقوى اقتصاد في أوروبا للقيام بما كان ينبغي له أن يفعله منذ فترة طويلة. ويمكن لألمانيا الآن أن تبدأ في إعادة التسلح إلى المستوى الذي يمكنها من لعب الدور الكامل في المشهد المتغير للدفاع الأوروبي الذي يتطلبه حجمها وموقعها الجغرافي.
خطوة مهمة
إن إزالة قيد كبح الديون ليس هو نفسه إنفاق المزيد من المال بالفعل. لكن ميرتس والديمقراطيين الاجتماعيين لم يتخذوا هذه الخطوة المهمة بالتأكيد إلا بعد التخطيط للقيام بذلك على وجه التحديد. وتنفق ألمانيا حالياً 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو ما يقرب من هدف حدده حلف شمال الأطلسي (الناتو) للمرة الأولى في عام 2014، غير أن الحكومة لم تأخذه على محمل الجد قبل أن تشن روسيا حرباً على أوكرانيا في عام 2022.
لم يتم تحديد هدف جديد للإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي بعد، لكن معظم المراقبين يعتقدون أنه قادم. وربما يكون نحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وربما أكثر قليلاً.
وفي الحرب الباردة، كانت الدول الأوروبية تنفق عادة ما بين 4 و5%، وأوروبا مرة أخرى في حالة صراع.
وفي عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تعد أميركا تبدو حليفة يمكن الاعتماد عليها، لذلك يجب على أوروبا أن تهتم بدفاعاتها الخاصة. وهذا يتطلب من ألمانيا إنفاق المزيد من المال، وإنفاقها بشكل فعال، وهو ما لم يكن في الماضي.
أمر دستوري
لأن كبح الديون هو أمر دستوري، فإن تعديله يتطلب أغلبية الثلثين في البرلمان. ومن هنا تأتي الحاجة الملحة، فحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، يعارض أي تغيير في القواعد، كما يعارض حزب اليسار المتطرف أي إنفاق إضافي على الدفاع. وقد حقق الحزبان نتائج جيدة في الانتخابات، وسيحصلان معاً على أكثر من ثلث المقاعد في البرلمان الجديد، وهو ما يشكل أقلية معطلة، لذا فإن التغييرات لابد أن تتم الآن، قبل أن يؤدي البرلمان الجديد اليمين الدستورية في 25 مارس. وهذا أمر غير تقليدي إلى حد كبير، خصوصاً أن ميرتس لم يتحدث عن هذا الأمر أثناء حملته الانتخابية، لكن هذه ليست أوقاتاً تقليدية. عن «الإيكونوميست»
إيقاظ العملاق
كانت ألمانيا عملاقاً نائماً، لكن المستشار القادم فريدريش ميرتس، يعمل حالياً على إيقاظه، فقد يكون هناك المزيد في المستقبل، حيث إن الائتلاف الجديد في البلاد يتحدث أيضاً عن المزيد من الإصلاحات في مجال كبح الديون، وهو ما يعني المزيد من الإنفاق على مجالات أخرى تعاني نقص التمويل.
. ألمانيا تنفق حالياً 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو ما يقرب من هدف حدده «الناتو».
. في عهد ترامب، لم تعد أميركا تبدو حليفة يمكن الاعتماد عليها، لذلك يجب على أوروبا أن تهتم بدفاعاتها الخاصة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news