المستكشف راشد.. إمكانات متطورة صممتها كفاءات وطنية شابة

ت + ت الحجم الطبيعي
تستعد مهمة الإمارات لاستكشاف القمر بعد أيام قليلة لهبوط المستكشف راشد على سطحه والمقرر في 25 أبريل الجاري، وفي حال نجاح الهبوط ستضع الإمارات بصمة تاريخية جديدة لها في قطاع الفضاء، خاصة أنه ورغم عشرات المحاولات، لم تنجح إلا 3 دول فقط ببلوغ سطح القمر بمركباتها، تصدرها الاتحاد السوفييتي، تلته الولايات المتحدة الأمريكية، ثم الصين، فيما ستكون الإمارات الرابعة عالمياً التي تصل إليه.
أهداف نوعية
وتتميز هذه المهمة بعديد الأهداف النوعية التي حققتها وفي مقدمتها، أنها أول مهمة عربية تهبط على سطح القمر، كما أن تطوير المشروع تم على يد خبراء ومهندسين إماراتيين بنسبة 100%، فضلاً عن ذلك فسيلتقط المستكشف راشد صوراً عالية الدقة، وسيجمع بيانات ومعلومات من منطقة «فوهة أطلس» الواقعة في «ماري فريغوريس»، والتي يتم استكشافها لأول مرة.
وحدد مركز محمد بن راشد للفضاء مجموعة من الأهداف العلمية للمستكشف راشد والتي ستستمر بين 10 ــ 12 يوماً، والتي تقود لتحقيق أهداف المهمة، والتي تشمل دراسة علم الصخور وجيولوجيا القمر، تجربة كفاءة المواد للحماية من تربة سطح القمر، وجمع بيانات لتطوير تقنيات جديدة، وصولاً لدراسة الخصائص الحرارية لسطح القمر، ودراسة البلازما والغبار، بالإضافة إلى التقاط نحو 1000 صورة لتحليل بياناتها.
مراحل أساسية
ومرت المهمة منذ انطلاقها في ديسمبر الماضي بسبع مراحل أساسية، نفذت بعضها مثل مرحلة الإطلاق والمدار المنخفض، ثم الملاحة، فيما يتبقى مرحلة وصول المستكشف، ومرحلة الإنزال وتشغيله، والتنقل على سطح القمر، وصولاً لمرحلة بدء العمليات على السطح، ثم مرحلة السبات، وأخيراً مرحلة إيقاف العمليات، فيما تتميز مرحلة الدخول والإنزال والهبوط المكثف بأنها مرحلة خطرة.
وستتولى مركبة الهبوط هاكوتوآر، التي طورتها شركة «آي سبيس اليابانية»، القيام بعملية الهبوط بنفسها على سطح القمر، حيث تقوم المركبة وعبر اعتمادها على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها، بحساب كيفية إطلاق المستكشف بطريقة تجعله يحافظ على مساره إلى أن يصل للنقطة المحددة على سطح القمر، دون الانحراف بسبب احتمالية وجود صخور أو فوهات.
منطقة مهمة
وتعد منطقة الهبوط «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس» فوهة بركانية بارزة تقع في الجزء الشمالي الشرقي من القمر، فيما يتضاعف الجدار الداخلي لفوهة أطلس على شكل طبقات بحافة متدلية، مشكلةً حواف حادة على الفوهة، وبمجرد هبوط مركبة الهبوط على سطح القمر، تبدأ مرحلة الإنزال والتشغيل خلال مدة قدرها 4 ساعات، والتي يتبعها اكتمال عملية الفحص ما بعد الهبوط وتشغيل المعدات وبدء جمع البيانات الأولية. أثناء عمليات إنزال المستكشف وتشغيله والقيام بعمليات السطح، وستكون مركبة الهبوط اليابانية على اتصال جيد بما يكفي مع الأرض عبر شبكة تتبع الفضاء الأوروبية (ESTrack) وتعتبر عمليات فحص الاتصال جزءاً من تشغيل المعدات.
وبعد الهبوط بنجاح سيرسل المستكشف راشد إشارات تتيح للمهندسين وفريق العمليات في مركز محمد بن راشد للفضاء، القدرة على تحديد ما إذا قام المستكشف بإتمام خطوات الإنزال والهبوط الرئيسية، حيث ستمكنهم الإشارة المرسلة من التأكد من جاهزية المستكشف لبدء عملية تشغيله.
حرارة متفاوتة
وفيما يخص درجات الحرارة القاسية على سطح القمر فإن هناك ما يعرفه مهندسو المشروع بـ«الإدارة الحرارية للمستكشف»، حيث يؤدي عدم وجود غلاف جوي للقمر للحماية من أشعة الشمس إلى حدوث فروق حرارية كبيرة على سطح القمر، وبهدف ضمان قدرة مستكشف راشد على تحمل البيئة القاسية على سطح القمر، يلعب نظام الإدارة الحرارية دوراً محورياً في نجاح المهمة.
وتم تطوير المستكشف راشد باستخدام مكونات تعمل بكفاءة عالية ضمن نطاق محدد لدرجة الحرارة، فيما يتطلب تشغيل هذه المكونات على سطح القمر قدرة على التحكم بدرجات الحرارة والتعامل معها، إذ تتراوح درجات الحرارة بين سالب 155 درجة مئوية، و90 درجة مئوية في المناطق القريبة من خط الاستواء خلال النهار، وهنالك فروقات حرارية كبيرة بين النهار والليل، ولذلك فإن مهمة المستكشف راشد تمتد لنهار قمري واحد، أي من شروق الشمس وحتى غروبها.
مزايا تقنية
وسيعمل المستكشف «راشد» بالاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية، خاصة أن مهمة الإمارات لاستكشاف القمر هي «يوم قمري واحد»، أي ما يعادل نحو 14 يوماً من مثيلاتها على كوكب الأرض، ولذلك فإن تمديد المهمة سيعتمد على كفاءة عمل الألواح الشمسية، خاصة أنه سيمر بفترة سكون خلال الليل، والتي تصل درجات الحرارة فيها سالب 173 درجة مئوية، وهو الأمر الذي قد يؤثر على كفاءة بطاريات المستكشف.
ويتميز المستكشف الإماراتي بعدد من المزايا والمواصفات التقنية العالية الجودة والكفاءة، حيث تم تزويده بكاميرات ثلاثية الأبعاد، ونظام تعليق وأنظمة استشعار واتصال متطورة، وهيكل خارجي وألواح شمسية لتزويده بالطاقة، فيما يضم 4 كاميرات تتحرك عمودياً وأفقياً، تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا المجهر، وكاميرا التصوير الحراري، إضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر.
اختبارات علمية
ويحمل المستكشف نظاماً لتعزيز كفاءة التصاق عجلات المستكشف بسطح القمر، وتسهيل عملية تخطي الحواجز الطبيعية، وهيكلاً متيناً لحماية الأجهزة والمحركات من تغير درجات الحرارة، وسيقوم المستكشف الإماراتي خلال مهمته بإجراء اختبارات علمية عدة على سطح القمر تسهم في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات، فيما لا يقتصر التأثير الإيجابي لهذه التطورات على قطاع استكشاف الفضاء فقط، بل يمتد أثره إلى العديد من القطاعات الأخرى كقطاع الصناعات التكنولوجية وقطاع الاتصالات وغيرها من القطاعات ذات الصلة.
تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز