«دبي الصحية» تنشر أول مرجع جينومي عربي

نشر فريق من العلماء في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ذراع التعلّم والاكتشاف في «دبي الصحية»، أول مرجع جينومي عربي شامل، في إنجاز استثنائي على صعيد أبحاث علم الجينوم في المنطقة والعالم، حيث نُشرت الدراسة في مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز»، إحدى أبرز المجلات العلمية العالمية.
وتوفر الدراسة أسساً علمية راسخة لتعزيز مستويات الطب الدقيق والرعاية الصحية الموجهة للشعوب العربية، كما تُسهم في دعم «استراتيجية الجينوم الوطنية» لدولة الإمارات، وهي مبادرة أطلقها مجلس الإمارات للجينوم في عام 2023، وتمتد 10 سنوات، وتهدف إلى تطوير خدمات الرعاية الصحية الوقائية والدقيقة، والوصول إلى علاج متخصص لكل مريض، من خلال استخدام العلوم الجينومية والتقنيات الحديثة.
وقد أُعدّ المرجع باستخدام تسلسل الحمض النووي لـ53 شخصاً من خلفيات عربية متنوعة في دولة الإمارات، وتم تطويره في مركز علم الجينوم التطبيقي والانتقالي بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وكشف عن أكثر من 110 ملايين زوج قاعدي من الحمض النووي، وتسعة ملايين متغير جيني، وأكثر من 235 ألفاً من المتغيرات الهيكلية الخاصة بالشعوب العربية التي لم تكن موثّقة في قواعد البيانات العالمية المعتمدة، وتُسهم هذه الاكتشافات في إثراء قاعدة بيانات الجينوم العالمية التي كانت تفتقر إلى تمثيل كافٍ للشعوب العربية.
ويدعم المرجع الجينومي العربي الشامل مبادرات الطب الدقيق على الصعيدين الوطني والإقليمي، من خلال تحديد المؤشرات الحيوية وتطوير برامج علاجية مصممة وفقاً للتركيب الجيني الخاص بالسكان، ويشمل المرجع مجموعة من الاكتشافات المهمة، من أبرزها جين مكرر وُجد لدى جميع المشاركين العرب، بينما لم يسجل وجوده في المراجع الجينومية العالمية المعتمدة، وهو الجين «TAF11L5» الذي من المحتمل أن يؤدي دوراً مهماً في تنظيم الجينات الأخرى، ما قد يُسهم في تكوين فهم أعمق حول المخاطر الصحية واستجابة الأفراد للعلاجات.
وقال مدير عام هيئة الصحة في دبي الباحث المشارك في الدراسة، الدكتور علوي الشيخ علي: «يسهم هذا الإنجاز الاستثنائي في تعزيز مكانة دولة الإمارات في مجال علم الجينوم، ومن خلاله نسعى إلى تقديم خدمات رعاية صحية دقيقة، تستند إلى مرجع يعكس التنوع الجيني للشعوب العربية. وتُعدّ هذه الخطوة أساسية في تحقيق أهداف استراتيجية الجينوم الوطنية، وضمان توافق الابتكارات الطبية المستقبلية مع الخصائص الوراثية لمجتمعاتنا».
من جانبها، قالت نائب مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية للشؤون الأكاديمية بالإنابة الباحثة المشاركة في الدراسة، الدكتورة حنان السويدي: «أسهمت الإمكانات المتقدمة لمختبر مركز علم الجينوم التطبيقي والانتقالي في نجاح هذه الدراسة، حيث أُجريت جميع مراحل البحث داخل المركز، بما يشمل التسلسل الجيني وتحليلات المعلوماتية الحيوية المتقدمة، وقد أتاح لنا هذا المستوى العالي من التكامل، تحسين الجودة وتنظيم الوقت بكفاءة، وهو ما يعكس التزام دبي الصحية بإرساء بنية تحتية عالمية المستوى تدعم الكفاءات العلمية الوطنية».
وشهدت أبحاث الجينوم تطوراً متسارعاً خلال العقدين الماضيين، إلا أن معظم البيانات الأساسية لاتزال مستمدة من شريحة محدودة من شعوب العالم، ما أدى إلى نقص في فهم المخاطر الجينية وطرق معالجتها في مختلف المجتمعات.
بدوره، قال مدير مركز علم الجينوم التطبيقي الأستاذ المساعد في علم الوراثة في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية الباحث المشرف على الدراسة، الدكتور محمد الدين: «يُمثّل هذا المرجع الجينومي الشامل نقلة نوعية في فهمنا للتنوّع الجيني لدى الشعوب العربية، ويُعدّ مصدراً علمياً بالغ الأهمية للاكتشافات البحثية والتشخيصات الجينية السريرية، بما يضمن نتائج صحية أفضل للأجيال المستقبلية في مختلف أنحاء المنطقة».
وتضمن المشروع أيضاً تطوير «بان سكان» (PanScan)، وهي أداة المعلوماتية الحيوية لدعم التحليلات المعقدة للجينومات البشرية الشاملة، وتتيح الأداة للباحثين اكتشاف تضاعف الجينات، والمتغيرات في الحمض النووي، والهياكل الجينية المعقدة، وتتوافر هذه الأداة عبر منصة «جيت هب» (GitHub)، أحد أبرز الموارد العالمية المعتمدة لدى الباحثين، وقد أُنشئت خصيصاً لدعم المرجع الجينومي العربي الشامل، إلى جانب المبادرات المماثلة على المستوى العالمي.
وقالت الأستاذة المساعدة في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية الباحثة الرئيسة في الدراسة، الدكتورة نسنى ناصر: «لقد طورنا أداة (بان سكان) لدعم دراسة المرجع الجينومي العربي، وهي أداة مصممة لرصد المتغيرات الجديدة وتضاعف الجينات والأنماط الوراثية الخاصة بالشعوب العربية، وقد كانت (بان سكان) عنصراً محورياً في الكشف عن تحليلات جينية فريدة ضمن دراستنا، وهي متاحة الآن للجميع لدعم أبحاث مماثلة على مستوى العالم».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news