اخبار الإمارات

موسم الشتاء في الإمارات موروث تاريخي متجدد

تزخر فصول السنة في دولة الإمارات، بموروثات وعادات خاصة بكل فصل حسب تأثيره وأثره في المجتمع، ومنها فصل الشتاء الذي يحفل بذكريات وموروثات اجتماعية خاصة، لاسيما أنه يتزامن مع موسم المطر.

وكان أهل الإمارات قديما يلجأون لمعرفة أحوال الطقس وبداية فصول السنة وتاريخ هبوب الرياح والمواسم الزراعية وأنسب أوقات الصيد البري والبحري والسفر، إلى طرق تناسبهم من خلال متابعة مواقع النجوم وحركتها.

وقال الباحث محمد خميس النقبي، إن فصل الشتاء بالنسبة للإماراتيين، يرتبط بالكثير من الأقوال الموروثة والأمثال الشعبية التي تتوارثها الأجيال وترصد تقلبات الطقس خلال نحو خمسة أشهر متواصلة، فيما لا تزال بعض الموروثات والتقاليد الشتوية صامدة حتى اليوم، نظرا لارتباطها بالزراعة، ومنسوب المياه.

وأضاف، أنه مع قدوم فصل الشتاء كل عام، يستذكر كبار السن من المواطنين روايات وأحداث جرت في الماضي مثل السنوات غزيرة المطر وجريان الأودية وفيضانها، والسنوات التي يقل فيها المطر ويجف الزرع ويتراجع المحصول.

وأشار إلى أن أسلوب التنبؤ بالطقس في الماضي كان بدائيا ويعتمد على أمور بصرية ووقتية وحسية خلافا لوقتنا الحالي، حيث أصبحت توقعات الطقس أكثر دقة مقارنة بما كانت عليه قبل نصف قرن، إذ يمكن التنبؤ بها لمدة أسبوع أو شهر قادم.

وأضاف أن الإمارات لديها إمكانيات كبيرة في هذا المجال وتتميز بدقة نشراتها الجوية، ويتوافر الآن عدد كبير من التطبيقات الذكية المختصة بشؤون الطقس، مؤكدا أن العادات في فصل الشتاء موروث تاريخي مازال صامدا في عصر التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية.

وأوضح النقبي، أن الأجداد لم يعرفوا حالة الطقس من خلال النشرات المنتشرة حاليا عبر شاشات التلفزيون والأجهزة الذكية، بل توصلوا إليها بفطرتهم وتجاربهم المتوارثة وتراكم الخبرات، حتى أتقنوا كيفية التعامل معها والاستفادة منها والابتعاد عن خطرها.

وذكر أن بعض الجهات والمؤسسات تبنت نظام “الدرور” القديم كأساس لتطبيقات حديثة رقمية تهتم بحالة الطقس منتشرة على الهواتف الذكية وفي متناول يد الجميع.

وبين أن “حساب الدرور”، هو حساب فلكي قديم وكان الوسيلة الوحيدة المتوفرة أمام أهل الإمارات في ذلك الوقت لمعرفة أحوال الطقس ووقت دخول الفصول ومواسم الرياح والمطر عن طريق تتبع مواقع النجوم، لافتا إلى أنه يختلف باختلاف المناطق داخل الدولة.

وأضاف أنه من “الدرور” ومرورا بـ “المربعانية”، يضبط الإماراتيون توقيتهم الشتوي بناء على تلك المواسم والأيام التي ارتبطت منذ القدم بدلالات مناخية واجتماعية، لتضفي طابعا خاصا وأجواء عائلية حميمية، حيث تقل ساعات النهار وتطول ساعات الليل، فيكثر معها التخييم والسمر حول مواقد النار، ويكثر تداول موروثات الشتاء على رغم ما نعيشه من تطور تكنولوجي وتقدم علمي هائل.

وأكد النقبي، أن الشتاء يمثل أكثر من مجرد تغير في الطقس، فهو جزء من التراث الشعبي، ويبرز تفاعل أهل الإمارات مع الطبيعة والبيئة وحكمتهم في التعامل مع تحديات الطقس، في حين يظل الأمل في المطر والخير هو السمة الأبرز لهذا الفصل الذي يحمل في طياته الكثير من الموروث الثقافي.

من جانبه، قال المواطن محمد بن سعيد القايدي (80 عاما)، إن موسم “المربعانية” يعد من أهم مواسم فصل الشتاء في الإمارات، ومنذ القدم يترقبه الأهالي باعتباره ذروة البرد القارص، وجاءت تسميته كونه يستمر 40 يوما، مشيرا إلى أن هذا موسم يتداخل مع حساب “الدرور”، الذي كان يعتمد عليه الأهالي في التعرف على ظروف وأحوال الطقس في زمن لم يكن فيه هيئة أرصاد جوية ولا تطبيقات رقمية متوفرة في يد كل إنسان.

وأوضح أن حساب “الدرور”، يقوم على أساس تقسيم أيام السنة بشكل عشري إلى 36 قسما، كل قسم به 10 أيام تعرف “بالدّر”، ويبدأ هذا الحساب بطلوع نجم سهيل عند منتصف شهر أغسطس من كل عام، ويعرف كل دّر بالمجموعة العشرية التي ينتمي إليها، ويقال العشر والعشرين والثلاثين، وهكذا إلى المائة، ثم يعاد إطلاق العشر والعشرين والثلاثين وهكذا.

وذكر أنه يقال عن در العشر “العشر مسويه حشر”، وهو دليل على أنه موسم لهبوب الرياح الشديدة، بينما يقال عن در الثلاثين “سيل الثلاثين مسوي بالدروب حفر”، ما يدل على كثرة وغزارة سقوط المطر، فيما يعرف در الأربعين قديما برياحه الباردة والقوية ولا ينصح خلال أيامه دخول البحر للصيد أو السفر، أما المائة فيشهد برودة مع سقوط أمطار موسمية خاصة على المناطق القريبة من البحر، ويقولون قديما عنه “ ما تروي برها حتى تروا بحرها”.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى