نُعيد هندسة الرعاية الصحية لتكون الإمارات مرجعاً إقليمياً في الطب الذكي

أكّد مدير عام مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، الدكتور يوسف محمد السركال، أن المؤسسة تمضي بخطى متسارعة نحو إعادة رسم المشهد الصحي في الدولة، من خلال تبنّي نهج تطويري شامل يبدأ من الميدان، ويرتكز على الابتكار، ويُصاغ بناءً على احتياجات المتعاملين وتطلعاتهم، لافتاً إلى أن الملاحظات الواردة منهم تسهم في دعم جهود التطوير المستمرة وتوجيه المشاريع، وتعزز قدرة المؤسسة على تلبية متطلبات المجتمع بكفاءة وفاعلية.
جاء ذلك خلال زيارة ميدانية شملت عدداً من المنشآت الصحية التابعة للمؤسسة في إمارات الشارقة وعجمان وأم القيوين، رافقه خلالها المدير التنفيذي لقطاع الخدمات الطبية بالإنابة الدكتور عصام الزرعوني، ومدير إدارة الرعاية الصحية الأولية، الدكتورة كريمة الرئيسي، حيث تم الاطلاع على مستجدات مشاريع التطوير والتوسعة، وخطط الصيانة والتحسين الجارية، إضافة إلى مناقشة آليات دعم التكامل التشغيلي بين الخدمات، وتوسيع نطاق التخصصات النوعية في إطار استراتيجية المؤسسة للتحول إلى نموذج صحي استباقي.
وقال السركال: “هدفنا هو إعادة تصميم بيئة الرعاية بالكامل، إذ نُحوّل الملاحظات اليومية إلى قرارات استراتيجية، والتجربة إلى سياسة فاعلة، والمنشأة من مركز خدمة إلى نقطة تحول في تحسين صحة الإنسان، ونعتمد في ذلك على منصات تفاعلية، من بينها مجالس المتعاملين الدورية التي ننظمها في المراكز الصحية، والتي تمثل صوت المجتمع الحقيقي، وتسهم في رسم ملامح تطوير الخدمات بما يتماشى مع توقعاتهم واحتياجاتهم”.
هيكلة شاملة:
وشهدت المراكز الصحية التي شملتها الزيارة، وهي مركز السلمة الصحي ومركز الخزان الصحي ومركز الحمرية الصحي ومركز الحميدية الصحي، تطورات شاملة في البنية التحتية والعيادات والخدمات التشخيصية والداعمة، إلى جانب إعادة توزيع الخدمات العلاجية لضمان تكامل أفضل، واستحداث مسارات تخصصية جديدة تتماشى مع تنوّع التركيبة السكانية واحتياجاتها الصحية المتغيرة.
وفي إطار استكمال أعمال التحسين، أدرجت المؤسسة مركزي الخزان الصحي والسلمة الصحي ضمن خطة صيانة نوعية لعام 2025، تشمل تحديث البنية الرقمية، ورفع كفاءة التشغيل، وتعزيز المرونة الاستيعابية، إلى جانب نقل بعض العيادات، مثل عيادات التطعيمات والأسنان، إلى مراكز وأقسام تخصصية لتقليل الضغط التشغيلي، بالإضافة إلى خطط لتوسعة المواقف المخصصة للمراجعين وإعادة تصميم المساحات الخدمية لتحسين انسيابية التنقل، فضلاً عن دراسة إضافة مبنى جديد إلى مركز الخزان الصحي لتوسيع قائمة خدماته التخصصية في مجال طب الأطفال والجلدية وغيرها.
واطلع الدكتور السركال على التحسينات المنفذة في مركز الحمرية الصحي، والتي شملت تحديث قسم الصيدلية، وصيانة قسم الأشعة وتركيب جهاز أشعة متطور، مع استمرار المؤسسة في متابعة الملاحظات الفنية لضمان أعلى مستويات الكفاءة التشغيلية. كما تم إدراج المركز ضمن خطة أعمال الصيانة الدورية، تأكيداً على التزام المؤسسة بمواصلة تهيئة بيئة علاجية حديثة ومستدامة.
وفي سياق متصل، تم الإعلان عن الانتهاء من توسعة مركز الحميدية الصحي، تمهيداً لتشغيله بحلّته الجديدة خلال الربع الثاني من عام 2025، بعد استكمال التجهيزات لتقديم باقة من الخدمات التخصصية والارتقاء بجودة الخدمات الصحية المقدمة ضمن نموذج تكاملي حديث.
ثورة رقمية
وفي ظل تسارع التحولات الرقمية في القطاع الصحي، أوضح السركال أن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل هو أساس محوري في تطوير النظام الصحي، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد إدخال المزيد من الأنظمة الصحية الذكية القائمة على الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية، بما يرفع من كفاءة التشخيص ويعزز دقة القرارات السريرية، ويُحسن نتائج العلاج، بالإضافة إلى زيادة قدرة المراكز على التنبؤ بالاحتياجات والتفاعل الاستباقي معها، مضيفاً: “تشكل الرقمنة بالنسبة لنا رؤية متكاملة تهدف إلى تقليص زمن التشخيص، ورفع دقة الإجراءات، وتحسين الرحلة العلاجية منذ لحظة الدخول وحتى ما بعد التعافي”.
الرعاية الرقمية:
وتطبيقاً لرؤية مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في بناء نظام صحي أكثر مرونة واستدامة، مدعوم بالتقنيات الحديثة، مثل الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي، تم إطلاق خدمة “الرعاية الرقمية” في مراكز الرعاية الصحية الأولية كأحد المشاريع الريادية الهادفة إلى تحسين تجربة المرضى، وتطوير منظومة الرعاية الصحية بالاستفادة من التقنيات التكنولوجية، حيث تُقدم الخدمة ضمن بيئة رقمية متكاملة تعتمد على ملف صحي إلكتروني موحّد ومترابط في جميع مراكز الرعاية الصحية الأولية، مما يُعزز من استمرارية الرعاية، ويسهّل متابعة الحالات الطبية بدقة وكفاءة.
وتتوفر هذه الخدمة للمتعاملين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. كما تتيح الاستفادة من استشارات طبية عبر الاتصال المرئي في تخصصات متعددة تشمل طب الأسرة واستشارات التغذية وبرامج الوقاية، مثل برنامج الإقلاع عن التدخين.
الرعاية العاجلة:
أطلقت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية خدمة “الرعاية العاجلة الافتراضية” على مدار الساعة، وذلك ضمن جهودها المستمرة للارتقاء بجودة الرعاية الصحية وتعزيز جاهزية المنظومة الصحية في الدولة، وتتيح الخدمة تقييماً أولياً فورياً للحالات الطارئة عبر منصة رقمية مبتكرة ، وتوفر استشارات طبية فورية عن بُعد، وبدون الحاجة لزيارة المراكز الصحية فعلياً، بالإضافة إلى صرف الأدوية وتوصيلها للمنزل.
وتسهم الخدمة في تقديم حلول صحية ذكية ترتقي بتجربة المتعامل، وتدعم جودة الحياة الصحية من خلال مزايا عدة، مثل إمكانية حجز المواعيد إلكترونياً، وتوفير الوقت والجهد في الوصول إلى الخدمة، ما يعزز من مكانة دولة الإمارات جهة رائدة في تقديم خدمات صحية رقمية أكثر سهولة وكفاءة، ترتكز على الابتكار والتكنولوجيا، بما يواكب تطلعاتها في تحقيق مستقبل أكثر صحة واستدامة للجميع.
وقد تم ربط هذه الخدمة بشبكة متكاملة تضم 63 مركزاً صحياً منتشراً من إمارة دبي وحتى إمارة الفجيرة، وتعمل جميعها بتنسيق متكامل مع المستشفيات التخصصية لضمان تقديم رعاية طبية فعّالة وسريعة وفق أعلى معايير الجودة والسلامة.
المسؤولية المجتمعية:
وعلى صعيد المبادرات المجتمعية، استعرضت مراكز الرعاية الصحية الأولية التي شملتها الزيارة مجموعة من المشاريع النوعية المنفذة وأخرى قيد التنفيذ، مثل “برنامج اطمئنان” و”خدمة صحة اليافعين”، والتي تستهدف تقديم الرعاية الصحية للفئات الأكثر حاجة من خلال نماذج مبتكرة، بما يرسّخ دور المؤسسة كجهة استباقية في الوقاية والتدخل المبكر، ويعكس مسؤوليتها المجتمعية في الوصول إلى جميع أفراد المجتمع.
ونوّه السركال إلى أن فرق العمل أظهرت خلال السنوات الأخيرة مرونة كبيرة وقدرة استثنائية على التكيف والاستجابة، وسط متغيرات تشغيلية متسارعة، قائلاً: “إنّ النهوض بالقطاع الصحي يبدأ من الخطوط الأمامية، حيث تتجسّد روح الابتكار، وتتكوّن الفوارق النوعية في الكفاءة والجاهزية، بما يرسّخ مكانة دولة الإمارات مرجعاً إقليمياً في تقديم الرعاية الصحية الذكية والمستدامة”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news