اخبار الإمارات

هل السلام العربي الإسرائيلي حلم أم واقع؟

الكاتب جوان سليفي

ظلّ الشرق الأوسط لعقود طويلة ميداناً للصراع والنزاعات، يتصدرها النزاع العربي الإسرائيلي الذي اندلع مع إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948. هذا الصراع خلف وراءه مآسي إنسانية لا تزال أصداؤها تتردد في وجدان الملايين من ضحايا التهجير والحروب من كلا الجانبين.

إن السلام لا يُعدّ ضعفاً، بل هو قمة الشجاعة. أن تختار الكلمة على الرصاصة، وأن تفضل طاولة الحوار على ساحات القتال، هو تجسيد لوعي ناضج يدرك أن الحروب مهما طالت لا تأتي بغير الخراب.

في عالم تتعاظم فيه الأزمات والصراعات، تظلّ كلمة “السلام” حلمًا تتطلع إليه الشعوب، خاصة الأطفال الذين كان ينبغي أن تُزهر طفولتهم بالبراءة لا أن تُثقلها رائحة البارود.

لقد ألقى الصراع العربي الإسرائيلي بظلالٍ ثقيلة على شعوب المنطقة، حافرًا جراحاً عميقة في النفوس لا تندمل بسهولة. غير أن السلام الحقيقي لا يقوم على طمس الآلام أو تجاهلها، بل على الاعتراف بها والانطلاق نحو بناء مستقبل جديد تُكرم فيه الحقوق وتُحترم فيه الكرامة.

بناء السلام ليس ضرباً من المستحيل؛ فقد علمتنا تجارب الشعوب أن الخصومة مهما استمرت، يمكن أن تتحول إلى تعاون، إذا توفرت الإرادة السياسية والشجاعة الأخلاقية. أن أي سلام لا يمكن أن يُكتب له النجاح إن أُهمل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

فالسلام العادل لا يقوم على القوة، بل على الإنصاف، ولا يزدهر في ظل القهر، بل في فضاءات الحرية والعدالة. إن أي محاولة لتحقيق التقارب بين العرب والإسرائيليين ينبغي أن تكون منطلقة من دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني و الشعب الإسرائيلي ، ضماناً لسلام حقيقي ودائم.

اليوم، يقف الشرق الأوسط على أعتاب لحظة تاريخية؛ لحظة يمكن فيها أن يُستبدل الصراع بشراكة، والعداء بتعاون. ليست الطريق مفروشة بالورود، لكن الأمل باقٍ، مادام هناك من يؤمن أن المصالحة الحقيقية تبدأ بقبول الآخر والتسامح معه.

وفي هذا السياق، يبرز دور الشباب كرافعة رئيسية لبناء مستقبل جديد. فبتنشئة الأجيال على قيم الحوار، والاعتراف بالآخر، واحترام التعددية، يمكن للمنطقة أن تنهض من رماد الحروب نحو شرق أوسط أكثر إشراقاً.

السلام العربي الإسرائيلي لا يجب أن يُختزل في اتفاقيات تُوقع على الورق، بل يجب أن يتجسد واقعاً معاشاً في المدارس، والمجتمعات، والقلوب. سلام يُسمع صداه في ضحكات الأطفال، وفي نهضة التعليم والاقتصاد، لا في دوي المدافع وأصوات الانفجار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى