متى عليك أن تقف وتعترض؟

ت + ت الحجم الطبيعي
رغم التحول أو التطور الكبير الذي طرأ في حقيقة المفاهيم التي تحكم علاقة الإنسان بذاته وبالآخرين حوله، ووعيه بالحدود الفاصلة بين حقوقه وحقوق الإنسان، والحدود التي يجب أن تتوقف عندها التزامات الإنسان تجاه الآخرين، ويبدأ فيها إحساسه الحقيقي باحتياجاته والتزاماته تجاه نفسه وصحته ورغباته ومتطلباته، وفي ذلك، فليس هناك أية مخاطر أو أية عقوبات.
أن تكوني أماً، لا يعني أنك شخص ليس لديك أية احتياجات أو رغبات أو أحلام، كما لا يعني مطلقاً أن تهملي نفسك وتمحيها تماماً، لصالح الأبناء والزوج والعائلة والأسرة، وأن تكوني أختاً كبرى، لا يعني أن تكوني كبش فداء للآخرين، وأن تكون أكثر الطلاب تفوقاً وذكاء، لا يعني أن يضعك أحدهم في خدمة المهملين والمتعثرين والمتكاسلين، لكن للأسف، هناك من يرعى هذا التوجه لغاية في نفسه، بل ويجعل من نفسه الراعي وولي الأمر والموجه، لكن ماذا عن الإنسان نفسه؟ هل يسمح بأن يتم استغلاله دون أن يعترض أو يصرخ ويدافع عن نفسه؟.
إن الإنسان حين ينسى نفسه لأجل إرضاء الآخرين دون تفكير عقلاني في مدى ضرورة هذا الرضا، وفي مردوده النفسي والصحي والعقلي، فإنه مع مرور الزمن واستمرارية الخضوع والاستجابة لضغوط الآخرين ومتطلباتهم واحتياجاتهم، تتحول الذات إلى مجرد ذات منهكة ومستنزفة، كحقل يزرع دون توقف، ودون رعاية أو رحمة!
كما يتحول الإنسان إلى أحادي النظرة، يتحرك في محيط مغلق، مثل (ثور) في ساقية لا تتوقف، وذلك كله نتيجة لمخاوفه، أو ربما أوهامه من فقدان الأصدقاء أو العائلة أو الأحباب، آو كما يظن واهماً، أنه قد يفقد رضى الله أو رضى والديه! وأن استمرار دعمه ووقوفه وتبنيه لهم، يساعدهم على البقاء أقوياء، وإن توقف هذا الدعم قد يقضي عليهم، وقد لا ينجحون في دراستهم، ذلك أحد أكبر الأوهام في حياة الكثيرين، بينما، للأسف الشديد، فإن الإنسان لا يكون مسؤولاً بالدرجة الأولى سوى عن نفسه ووالديه، إن أراد قبولاً وتصفية النفوس!