اخبار

الحكم الملكي وديمقراطية الشعوب المزعومة – عين الوطن

النظام الملكي هو نظام حكم يقوم فيه شخص واحد بتولي زمام الأمور للدولة كاملة، وعادة ينتهي حكمه بوفاته أو تنازله عن حكمه لشخص آخر يليه في التسلسل الملكي وهو عادة مايكون وراثي، وهذا النظام في الحقيقة يوفر الإستقرار اللازم للوحدة الوطنية اللازمة لأي بلاد،
بينما في الأنظمة الاخرى عندما يجب أن يتم إنتخاب حاكم للدولة، يقوم الأعضاء في الأحزاب السياسية المختلفة أو الفصائل بالتنافس على هذا المنصب، و هذا يؤدي إلى الإنقسام و الصراع داخل الدولة، بينما في الدول التي تحكم بنظام الملكية فإنه من العروف أن حاكم الدولة سيبقى مدى الحياة و هناك شخص معروف سيأتي بعده، وهذا يزيد من الوِحدة داخل الحكومة ويقلل من تكون الأحزاب.

أما نظام الديمقراطية المزعومة الذي روج له الغرب بمباركة أمريكية للشرق الأوسط منذ عقود، فهو نظام يوحي إلى عقل كل فرد فكرة أهميته الذاتية، وبالتالي تتناقص أهميته التربوية، وتساعد في تكوين العراقيل امام الرجال ذوي العقول الحصيفة عن الوصول إلى الصدارة، إن كل من يسمون أنفسهم متحررين تجدهم فوضويين، كل واحد منهم يجري وراء طيف الحرية ظانًا أنه يستطيع أن يفعل ما يشاء، أي أن كل واحد منهم ساقط في حالة فوضى في المعارضة التي يفضلها لمجرد الرغبة في المعارضة.

وهذا النظام الأضحوكة جعل كل البلاد التي تشحذ الديمقراطية بلاد مضطربة العلاقات بين الشعوب والحكومات، وتستمر هذه العداوات والحروب، والكراهية، والموت، اضف لهذا الجوع والفقر، ومع تفشي الأمراض وكل ذلك سيمتد إلى حد أن لا يرى المعارضون أي مخرج لهم من متاعبهم غير أن يلجأوا إلى الاحتماء بسلطة الديمقراطيين الكاملة، فأين الديمقراطية في هذا النظام؟

إن من أوائل الداعين للديمقراطية المزعومة ومحاربة الملكية في عالمنا العربي هو الرئيس جمال عبدالناصر الذي أخذ على عاتقه العمل على إسقاط جميع الأنظمة الملكية العربية في عهده، والتي كان يعتبرها رجعية وتخلفية، ووجد كثيراً من التجاوب من عامة الشعوب الذين كانت تسيطر عليهم قلة التعليم والجهل بالواقع السياسي، وقد إتخذ في أعماله تلك شتى السبل لبلوغ هدفه الذي خلف واقعاً مريراً تعيشه الشعوب العربية اليوم.
وكانت تلك الشعوب تظن أنها ستعيش حياة رغيدة أفضل مما كانت عليه سابقاً ولم يدر بخلدها أنها ستعض أصابع الندم وستبكي على تلك الأيام التي كانت تعيشها ، وعلى الرغم من تلك التجربة المريرة الا أن الشعوب العربية لم تتعظ من تجربتها الزائفة والتي يروج لها أذناب الديمقراطية من أجل تنفيذ اجندات خارجية تهدف الى نخر جسد الأمة اكثر مما هو عليه ، وذلك بالدعوة للثورات في أوائل ٢٠١١ وكأنني ارى المشهد يتكرر امامي عيني زيادة في التشتت والفقر ومعدلات البطالة وتأخر أو موت التنمية في تلك البلدان.

عندما كانت مصر تتمتع بحكم ملكي ، كانت تُغذي العالم العربي وتساعده بما في ذلك الحجاز آن ذاك، فقد كانت تأتي كسوة الكعبة المشرفة سنوياً من مصر، وكان في مكة المكرمة مايسمى بـ(التكية) المصرية وهي كالجمعية الخيرية اليوم تقدم للحجاج والمعتمرين الطعام وكانت بإمداد كامل من مصر التي كانت آن ذاك بحكم ملكي بقيادة الملك فاروق، أضف إلى ذلك منجم السكري الشهير الذي أغلقة الملك فاروق عام 1948م أحد أكبر مناجم الذهب في العالم وقرر تركه للأجيال القادمة لأن مصر الحالية لم تكن تحتاجه، كما أقرضت مصر بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى ما يوازي الآن ٢٩ مليار دولار أمريكي، وهو دين لا يسقط بالتقادم ، إنه لمن المؤسف أن تعرف بأن مصر في اثناء الحكم الملكي كانت لديها أهم وأشهر بورصة قطن في العالم وهي بورصة مينا البصل، وكانت هناك دائماً عبارة شهيرة في البرامج الإخبارية الأجنبية وهي “مصر تنتج والعالم يستهلك” .

في ليبيا أثناء حكم الملك السنوسي عاش الليبيون حياة كريمة يسودها الأمن والأمان وبدأت أحوالهم المعيشيّة ( الإقتصاديّة ) تتحسن منذ بدء تدفق عوائد البترول على الخزانة الليبيّة في عام 1961م،حتى جأت ماتسمى بالديمقراطية

وفي الجزائر على الرغم من انها من أغنى الدول العربية بثرواتها وكونها مصدراً قوياً للبترول، ولكن ما إن بدأت بالركض خلف حلم الديمقراطيةع الزائف حتى بدأت بالإنحدار ولم تتماشى اقتصادياً وتنموياً مع الدول العربية التي مازالت تحت الملكية بل أن تلك الدول اليوم أكثر منها تقدماً وتنمية.

وكذلك الحال بالنسبة لليمن كيف كانت في عهد الملكية وكيف أصبحت في عهد الديمقراطية الزائفة

فما الذي جنته تلك الشعوب من الديمقراطية العقيمة تلك,,؟

بالنظر إلى الحال الذي وصلت له الدول العربية التي رفضت الحكم الملكي، نجد أنها في إنحدار إقتصادي وإجتماعي وقعت فيه الشعوب وهي تلهث خلف حلم الديمقراطية الذي رسمه لهم جمال عبدالناصر وغيره من الناعقين الذين لا يعون ولايدركون، فما الذي تغير في حكم تلك البلاد؟
إذا كان الرئيس فيها يحكم إلى أن يموت ، أين الديمقراطية المزعومة ورغد العيش الذي وعدوا به.؟
عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فإن الكلمة الطنانة التي تتردد في أروقة المجتمع الدولي هي “الاستقرار”، كنقيض لـ”الانتقال”. لم يعد أحد يراهن على الديمقراطية بعد الآن، فتراجعت التأملات وانخفض سقف التفاؤلات إلى البحث عن الأمن والأمان فقط.

ومن يقرأ جيدا في أدبيات النظام الإسلامي يجد أنه هو أساس كُل الأنظمة العادلة التي تتناسب مع كل زمان ومكان وهي بعيده كل البعد عن أنظمة الديمقراطية العالمية المزعومة، فالإسلام جاء داعماً لكل القيم العالية بشأن الحرية والمساواة والعدل الاجتماعي والنزاهة والشفافية وانتخاب ولي الأمر وقواعد محاسبته.

إن الغرب في خضمّ محاولاتهم لتصدير ديمقراطيتهم المكذوبة للشرق الأوسط، أثبتوا بلا قصد أن ديمقراطيتهم المحتكرة غير قابلة للتصدير للعالم العربي والإسلامي، فهو حينما يزعم التصدير لها يريدها منزوعة الأمان والنجاح، بل ويريد منها وبها أن تكون مصدراً للنزاعات والحروب والتفكك والانقسام، وقد نجح في كثير من البلدان العربية كما هي الحالة العراقية والسورية والليبية والتونسية والمصرية واليمنية، فمتى سيصحوا العالم الإسلامي والعربي من كابوس الديمقراطية، ويعي أنه لانظام عادل ومتكامل إلا النظام الإسلامي الذي أنزله رب العالمين وهو أعلم بتراكيب البشر ونزعاتهم وإحتياجاتهم، ولنا في تاريخنا العظيم أدلة عظيمة على مساواة الإسلام وعدله في جميع أنظمته السياسية، ومجالس الشورى التي كان يعقدها النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه للتشاور في أمور الأمه، كانت الشكل الأول من أشكال النظام الإسلامي العادل الحقيقي، ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة ، فالإسلام ليس ديناً فقط؛ بل هو نظام سياسي وإقتصادي وإجتماعي وديني مُتكامل، وحصر الإسلام في بعد الإيمان والعبادات الدينيّة ثمّ الاستيلاء على هذه الأفكار في مكوّنات حزبية هو ما يحمل على الظنّ بأنّ الإسلام لا يمكن أن يكون ديمقراطيّاً، كيف وهو القائل سبحانه في وصف المسلمين ((الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى