هل تتراجع الفرص أمام النساء في وول ستريت؟

ت + ت الحجم الطبيعي
لقد مرت أكثر من 25 عاماً منذ بداية مواجهة أكبر الأسماء في وول ستريت ادعاءات بالتمييز الجنسي الفادح. وفي كل مرة يدفعون فيها ملايين الدولارات، كان قادة البنوك يعدون بجعل شركاتهم أكثر ترحيباً بالنساء اللاتي يرغبن في الحصول على فرصة متساوية للنجاح في صناعة ذات رواتب عالية، يهيمن عليها الذكور في الغالب.
وهذه الأيام، تدير جين فريزر «سيتي غروب»، المؤسسة التي واجهت أفظع الاتهامات، وهي أول امرأة تتولى منصب الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الأمريكية الكبرى.
وفي مورغان ستانلي، وهي مؤسسة أخرى توصلت إلى تسويات، تشكل النساء 40% من إجمالي الموظفين، و47% من الموظفين الجدد، ويمكن أيضاً لبنك غولدمان ساكس، الذي دفع 215 مليون دولار العام الماضي فقط لتسوية ادعاءات طويلة الأمد بالتمييز بين الجنسين، التباهي بأن أحدث فئة من الموظفين الجدد هي الأكثر تنوعاً حتى الآن، حيث تضم 29% من النساء.
وهكذا، فقد تغيرت بعض الأمور، ومع ذلك لا تزال المراتب العليا في مؤسسات التمويل الأمريكية يهيمن عليها الذكور بشكل كبير، فوفقاً لبحث جديد أجرته «مورنينغستار ساستيناليتيكس»، فإن ما يصل إلى 45% من الشركات المالية المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ليس لديها أي نساء بين «المسؤولين التنفيذيين البارزين»، وهم أعضاء المجموعة الرئيسية الأهم بما يكفي للكشف عن رواتبهم رسمياً. وقالت جاكي كوك، مديرة الحوكمة، إن قطاعات أخرى نمطية يهيمن عليها الرجال شهدت تقدماً ملحوظاً، فنحو 26% فقط من الشركات الصناعية تقودها فرق مكونة من الرجال فقط.
لكن الأمر الأكثر إحباطاً هو أنه يبدو كما لو أن بعض الأمور تسير إلى الوراء، ففي بنك غولدمان ساكس، تخضع ستيفاني كوهين، الوحيدة التي تدير قسماً أساسياً، لإجازة ممتدة منذ منتصف العام الماضي، وتبين أخيراً أن عضوة أخرى في اللجنة الإدارية، وهي بيث هاماك، ستغادر بعد أن تم تجاوزها عن تعيين المدير المالي.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن سيتي غروب يعود إلى الوراء هو الآخر بعد التعيين الربادي لجين فريزر، إذ يعني اختيار البنك لفيس راجافان لقيادة الخدمات المصرفية الأسبوع الماضي أن جميع رؤساء أقسام التشغيل الخمسة والمدير المالي هم من الرجال.
ورغم أن مورغان ستانلي لديه ثاني مديرة مالية له، هي شارون يشايا، إلا أن جميع المرشحين الثلاثة في السباق الذي جرى في العام الماضي لخلافة جيمس جورمان في منصب الرئيس التنفيذي كانوا من الرجال.
علاوة على ذلك، فإن القيادة العليا لشركات الأسهم الخاصة التي تتنافس على المواهب في وول ستريت يهيمن عليها الذكور على النحو نفسه إن لم يكن أكثر، وكذلك البنوك البريطانية الكبرى بعد الرحيل القسري لأليسون روز من «نات ويست» في عام 2023.
كل هذه الأمور تدفعنا للنظر ملياً إلى بنك جيه بي مورغان تشيس، حيث ينسب الفضل للرئيس التنفيذي المخضرم جيمي ديمون في بناء سلسلة قوية من القيادات النسائية البارزة، حيث تشكل النساء ما يقرب من نصف لجنة الإدارة المكونة من 16 عضواً، بمن في ذلك الرئيس أو الرئيس المشارك لأنشطة الأعمال الثلاثة الرئيسية، وشهدت التعديلات الوظيفية الأخيرة تعزيز اثنتين منهن، هما جينيفر بيبسزاك وماريان ليك، لموقعهما كمتنافستين رئيسيتين لتحلا محل ديمون حال تقاعده.
ويستفيد «جيه بي مورغان» من وجود أقسام كبيرة للخدمات المصرفية التجارية وإدارة الأصول، التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها أكثر ملاءمة للنساء من أقسام تداول الأسهم الشرسة وأقسام الخدمات المصرفية الاستثمارية التي تتطلب السفر بكثرة. وفي الوقت الحالي، تحيط بالبنك هالة من النجاح بعد فترة حافلة شهدت صعوده ليصبح أكبر بنك في الولايات المتحدة.
لقد منح هذا المزيج ديمون الفرصة لاختيار قادة المستقبل من بين مجموعة أكبر من النساء في منتصف حياتهن المهنية، واعترف المنافسون بأن البنك بذل قصارى جهده حتى لا يهدر هذه الفرص.
عموماً، لا يمكن لأي شركة من شركات وول ستريت لديها الجدية حيال الرغبة في تنوع وجهات النظر والخبرات في قياداتها العليا الاكتفاء بما حققته من أمجاد، فقد أدت إصلاحات ما بعد الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008 وصعود شركات التكنولوجيا الكبرى إلى خسارة قطاع الخدمات المصرفية بعضاً من سحرها التوظيفي وقوتها المالية، كما أن النساء اللاتي يتمتعن بالمهارات اللازمة للوصول إلى الإدارة العليا في المجال المصرفي مطلوبات أيضاً في قطاعات أخرى، لذلك لا يتعين عليهن الجلوس وانتظار دورهن للحصول على فرصة للوصول إلى القمة في وول ستريت.
وقد انتقلت روث بورات، أول مديرة مالية لمورغان ستانلي، إلى «غوغل» في عام 2015 لتولي المنصب نفسه مقابل المزيد من المال. وفي الآونة الأخيرة، غادرت ثاسوندا براون دوكيت بنك جيه بي مورغان لتولي المجموعة الاستثمارية تيا، وغادرت كاتي كوتش «جولدمان ساكس» لتتولى منصب الرئيس التنفيذي في شركة إدارة الأصول «تي سي دبليو».
ويقول المسؤولون التنفيذيون في البنوك الكبرى إن مثل هذا التنقل الوظيفي ليس بالأمر الجديد، فلا يحب المصرفيون الطموحون من الجنسين أن يطلب منهم الجلوس والانتظار للحصول على فرصة مميزة، لذلك نجد الرجال الذين سئموا من انتظار فرصة قيادة جيه بي مورغان ومورغان ستانلي وغولدمان ساكس أصبحوا الآن منتشرين في المناصب العليا في الشركات الأخرى، ومن المنطقي أن بعض النساء يتبعن المسار نفسه.
لكن محادثاتي مع نساء رفيعات المستوى في مجال التمويل تشير إلى أن الرضا عن النفس يعتبر خطأ بالنسبة لصناعة لا تزال تضم عدداً ضئيلاً من النساء في منتصف حياتهن المهنية، لذلك عندما يأتي الباحثون عن الكفاءات من الخارج، فإن العديد من المديرات التنفيذيات الصاعدات والقادمات في وول ستريت يملن إلى الاستماع، فلمَ إذن تنتظر في الطابور للحصول على فرصة غير مؤكدة للقيادة، بينما يمكنها الذهاب إلى مكان آخر وتولي المسؤولية الآن؟
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز