اخبار الإمارات

الأسد في مقبض السيف رمز الرجولة والكبرياء

ت + ت الحجم الطبيعي

في عام 2002، تم اكتشاف موقع ساروق الحديد في دبي، وهو موقع أثري، دلت كل المخرجات منه على أنه لم يكن قبراً أثرياً، بل مركزاً من المراكز الرئيسة لصهر النحاس وتصنيع الأسلحة وأدوات الحياة.

اخترتُ من تلك المخرجات العائدة إلى الألف الأول قبل الميلاد، هذا السيف بقبضته البرونزية المنحوتة لأسد متوثب. أنظروا إليه كيف يقفز في لحظاته الخالدة، وهي لحظات معروفة، يكون فيها الأسد طائراً ومتوثباً في آن، أي في لحظة الارتماء وهو ينقض على فريسته، وكما نرى القفزة اللحظية النادرة، كيف تم تثبيتها ونحتها من الصانع الماهر؟ بلا شك لأهميتها أثناء الهجوم، فهي لحظات تتكثف فيها معاني النهوض والقوة والتمكن… وأثناء زئيرها، لتبيان الفك وأنيابه الحادة. انظروا هنا إلى إبراز مهارة الوثبة في النحت، ليتضح لنا مدى استراتيجية الأسد، فالأسد يُعد إلهاماً ورمزاً للإنسان في الثقافة الشعبية، بسبب قوته ودوره البارز.

إلا أن رأس الأسد هنا، بنى تصوراً لدى بعض باحثي الآثار في ساروق الحديد، بأن المنطقة الساحلية والصحراوية لا علاقة لها بالأسود، وأنهم لم يتواصلوا مباشرة مع الأسد، كما هو مع الثور والماعز والغزال.

وربما على الباحثين الاطلاع على النصوص القصصية والشعرية في جزيرة العرب إجمالاً، فكلها تؤكد علاقة الإنسان في الصحاري الممتدة بقوة الأسود، التي دعمت روح هذا العربي وبأسه ونبله وحكمته، وإلا كيف جسد العرب الأسود نحتاً ورسماً في أدوات دفاعهم، كحالة مساندة، لما فيها من سمات وفضائل؟.

أما حامل السيف هذا مثلاً، فلا بد أنه تمنى أن يتصف بصفات الأسد، ذي الهيبة في حضوره، وصفة العفة، لكونه صياداً يأبى أكل الجيف والحيوانات النافقة، وما به من رحمة، لأنه لا يعذب فريسته، وأيضاً لصفة النبل لدوره الأسري السامي، إلى صفات القيادة والحكم، وأيضاً استخدامه ما لا يقل عن سبع عضلات موجودة في الرقبة والأكف، موظفاً كل طاقته أثناء الهجوم على فريسته، وبالتالي، وكما نرى، خرجت هذه المنحوتة في مقبض السيف.

بلا شك، أن الأسد اتخذه البشر رمزاً بثقافاتهم الشعبية، ومنذ آلاف السنين، وكذلك قدماء العرب الذين حرصوا على تسمية أبنائهم بأسماء الأسد لصفاته الرفيعة، كالفهد والنمر وهزاع، جروان، جساس، أبو فراس، خزرج، ضابط، باسل، حمزة، خطار، فارس، عروة، صعب، عوف، هِزَبر، فادي… ومئات الأسماء الأخرى التي أُطلقت على الأسد في اللغة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى