اخبار

ملاحظات على ورقة «حماس».. – سما الإخبارية

تعول حركة حماس في ردها على ورقة المبعوث الأميركي ويتكوف كثيراً على إدارة ترامب، فهي تطالب في البند الأول بضمان الرئيس ترامب لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، وفي البند 6 تدعو الورقة إلى التفاوض على إعلان وقف إطلاق نار دائم وانسحاب كلي للقوات الإسرائيلية من كامل أراضي القطاع.
وفي البند 7 تدعو إلى دعم رئاسي أميركي لوقف إطلاق نار يقود إلى حل دائم للصراع. والبند 12 يدعو ويتكوف لترؤس المفاوضات وإتمام الاتفاق.
وفي البند 13 تطالب حماس ترامب بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار شخصياً والالتزام بالعمل على ضمان استمرار المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق نهائي.
كما نلاحظ، ترى حماس أن كل مفاتيح وقف الحرب متوفرة في جيوب ترامب ومبعوثه وفريقه، وتتعاطى مع إدارتهم كخشبة خلاص ومنقذ موعود.
وفي سياق البحث عن بقائها ضمن شكل من أشكال السيطرة على القطاع، تتجاهل الحركة حقيقة التطابق في المواقف بين إدارة ترامب وحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
كان ترامب سباقاً في تقديم مشروع تهجير 2.3 مليون فلسطيني من قطاع غزة وتحويله إلى منتجعات سياحية – ريفيرا-.
وتبنت حكومة نتنياهو مشروع التهجير بالصيغة الترامبية كهدف أساسي من أهداف حرب الإبادة المستمرة منذ 19 شهراً.
وتغفل حركة حماس أن ترامب أزال القيود على تزويد آلة حرب الإبادة الإسرائيلية بالقنابل الذكية التي تفتك بالمواطنين وتحيل قطاع غزة إلى خراب.
وتغض النظر عن تبني إدارة ترامب لاستخدام الغذاء والدواء كأداة لإذلال الشعب وتهجيره، بل تشارك في هذا الاستخدام الشاذ عبر شركة “إغاثة غزة” بديلاً للمنظمات الدولية صاحبة الاختصاص.
وتتغاضى الحركة عن رفع العقوبات عن عصابات المستوطنين التي تمارس التطهير العرقي والاعتداءات على المواطنين في الضفة الغربية.  
وكل ذلك بعيداً عن سياسة ترامب في ولايته الأولى بتقديم صفقة القرن وضم القدس ونقل السفارة الأميركية إليها وتشريع الاستيطان في الضفة المنسجمة مع الحل الفاشي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.  
تعويل حماس على إدارة ترامب يلاحظ من خلال المطالبات المتناقضة مع أهداف الحرب  الإسرائيلية كوقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع مع هدنة من 5 – 7 سنوات، وإعادة الإعمار مع إعادة بناء البنية التحتية.
السؤال، لماذا تنحاز إدارة ترامب لمطالب حماس وتتخلى عن الأهداف الإسرائيلية؟
وماذا تملك الحركة من عناصر قوة تجعلها مقبولة عند إدارة ديدنها تريليونات الدولارات، أو تجعلها قادرة على أن تكون نداً لدولة متغطرسة في طول وعرض المنطقة؟
تملك حماس 20 جندياً إسرائيلياً أسيراً. وتملك ورقة تأخير الاتفاقات المزمع اعتمادها بين دولة الاحتلال ودول عربية وإسلامية أخرى. لكن ترامب فصل بين اتفاقاته مع الدول العربية وبين انضمام دول أخرى إلى الاتفاقات الإبراهيمية، ما أضعف هذه الورقة.
عدا ذلك لا توجد مقارنة بين ما تملكه دولة العدوان من عناصر قوة وبين ما تملكه حماس.
البون الشاسع في القوة يقود إلى استنتاج منطقي هو أن الحركة لا تستطيع فرض مطالبها المعلنة.
يبقى افتراض محاولة تقديم مقايضة لدور مستقبلي للحركة في قطاع غزة بتزكية ورعاية  قطر وما تبقى من مراكز الإخوان المسلمين.
دور يتناغم مع استمرار فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ويحول دون إقامة دولة فلسطينية.
قد لا تحتاج دولة الاحتلال لمثل هذا الدور، بعد تدميرها للقطاع واستعدادها لتهجير الجزء الأكبر من مواطنيه وتحكمها في إعادة الإعمار الذي قد يستغرق زمناً طويلاً.
تعلم حماس أن كل يوم يمر دون وقف الحرب يقابله المزيد من المجازر والتدمير والإذلال.  
تبدو حماس حريصة على إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال وإعادة الإعمار وكلها مطالب مشروعة وضرورية. لكنّ حماس ومريديها الجدد لا يقولون كيف يمكن إنهاء الحرب في الوقت الذي يدفع فيه المواطنون الدم وأقسى أشكال القهر والإذلال والمعاناة والجوع.
وهذا يعني أن عنصر الزمن مسألة في غاية الأهمية. فثمة فرق بين طرح الأهداف وبين تحقيقها في الواقع.
إن تحقيق تلك الأهداف في الشروط الملموسة بحاجة إما إلى امتلاك عناصر قوة والضغط بها – الضغط بالرهائن لا يكفي – أو انتظار أن تعاقب إسرائيل على جرائمها المتصاعدة بحق المدنيين ويفرض عليها عقوبات تؤدي إلى وقف الحرب.
لا يبدو أن ذلك مرجح بوجود حماية أميركية فوق العادة، ولأن النظام العالمي يتعايش مع حرب الإبادة ويكتفي بشجب واستنكار الجرائم.  
وإما بنزع الذرائع من خلال تقديم التنازلات المطلوبة والمتداولة كالانتقال من النضال المسلح إلى النضال السلمي، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، وتراجع  حماس عن حكمها لقطاع غزة، شريطة أن يتم ذلك في إطار فلسطيني موحد وفي إطار موقف عربي ودولي داعم ومساند، وبالتجربة كان الرد العربي على مشروع ترامب لتهجير المواطنين من قطاع غزة مهماً وسبباً في وقف اندفاعة ترامب، لكنه لم يكن كافياً للتراجع عنها.
منذ إعلان حرب الإبادة بعد 7 أكتوبر كان لدى حماس أسباب ودوافع كبيرة، للخروج من مسار المواجهة الحربية غير المتكافئة لتفادي المزيد من القتل والتدمير والتهجير وللحفاظ على بنية ونسيج وصمود المجتمع، لكن حماس لم تفعل ذلك واعتقدت أنها ستحصل بالحرب على نتائج أفضل.
ومع خروج محور المقاومة الممانعة بقيادة إيران من حرب الإسناد – ما عدا الحوثيين- بشروط أقرب إلى الهزيمة، كان من المفترض إسراع حماس بالخروج من المواجهة المدمرة، لحماية ما تبقى من عناصر البقاء، وحتى لا يأتي اليوم الذي يُفرض فيه التنازل على الحركة بالقوة وبالمزيد من قتل قادة وكوادر وعناصر الجهاز المقاتل.
نعم حماية المجتمع تستحق المبادرة وقلب كل حجر بحثاً عن حلول تحافظ على بقائه دون تشظٍ وانكسار حتى يتسنى لحركة حماس ولغيرها ممارسة الحكم.
حماية المجتمع والبقاء أثناء هذا النوع من الحروب يستدعيان تقديم التنازلات، وفي الأحوال العادية عندما ترتكب القيادة خطأً كبيرا وتتسبب  في إلحاق الخسائر بمواطنيها،  من الطبيعي أن تتحمل المسؤولية وتتراجع عن الحكم وتضع نفسها في موقع المساءلة والمحاسبة، وعندما تكون نتيجة استخدام المقاومة المسلحة كشكل نضالي خاسرة وخاسرة جداً، من المنطقي الانتقال إلى شكل نضالي آخر كما حدث في التجربة الفلسطينية ذاتها.
أخطر ما وصلت إليه حركة حماس هو عدم الاعتراف بأخطاء من الوزن الثقيل، وبخاصة خطابها الرديء الموجه لشعبها، وإصرارها على الانفصال عن الشرعية الفلسطينية القائمة، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية فلم يتضمن رد حماس على خطة ويتكوف أي شراكة، بالرغم من حديثها عن اجتماع الفصائل ومن قبل ذلك تصويرها بأن غرفة العمليات المشتركة هي مرجعية الحرب واللاحرب، ولم تقدم حماس أي إشارة إلى وقف استباحة المسجد الأقصى الذي أشعلت الطوفان من أجله. وبدلاً من تراجع حماس عن أخطائها تقوم بتعميقها وزيادتها.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى