بالصور.. حكاية مدن الأشباح الصينية المهجورة

03:49 م
الثلاثاء 02 سبتمبر 2025
كتب- محمود الهواري:
أصبحت ظاهرة “مدن الأشباح” واحدة من أغرب المظاهر العمرانية في العالم الحديث، حيث تبرز المدن الخالية وشوارعها التي تخلو من الحياة رغم البنية التحتية المتطورة والمباني الحديثة.
وكانت الصين التي شهدت طفرة اقتصادية هائلة خلال العقود الأخيرة، ساحة رئيسية لظهور هذه المدن، التي تعكس مزيجا معقدا من السياسات الاقتصادية والتخطيط الحضري والثقافة المحلية.
ويشير مصطلح “مدينة الأشباح” إلى مناطق حضرية تم تصميمها بعناية لاستيعاب ملايين السكان، لكنها تبقى فارغة أو شبه خالية من السكان.
وجاءت هذه المدن في الصين نتيجة خطط التنمية الطموحة التي أطلقها الحزب الشيوعي، بهدف تحقيق التوسع العمراني بسرعة لمواكبة النمو السكاني، لكن الواقع أظهر فجوة كبيرة بين التخطيط والطموح وبين الإقبال الفعلي للسكان.
مع بداية القرن الحادي والعشرين، شهد الاقتصاد الصيني نموا متسارعا دفع الحكومات المركزية والمحلية إلى تشجيع شركات العقارات على بناء مدن جديدة كجزء من خطط تطوير ضخمة، وذلك لتحريك الاقتصاد الوطني عبر قطاع العقارات واستيعاب تدفق السكان من المناطق الريفية إلى المدن وتحديث البنية التحتية، قبل أن تظهر تحديات أفرزت مدنا مهجورة.
ومن أبرز الأسباب التي أدت إلى ظهور مدن الأشباح الإفراط في الاستثمار العقاري، حيث شجعت السلطات شركات التطوير على إنشاء مدن كاملة في مناطق منخفضة الطلب، مما أدى إلى فائض هائل في المعروض، بينما ساهمت المضاربات العقارية وارتفاع أسعار المساكن في جعلها بعيدة عن القدرة الشرائية لمعظم المواطنين.
ومن ضمن الأسباب الأخرى التخطيط الحضري دون دراسة دقيقة لاحتياجات المناطق، مع إنشاء مدن في مواقع بعيدة عن المراكز الاقتصادية، وتغيير السياسات الاقتصادية بعد تباطؤ النمو، ما أوقف مشاريع كاملة وتركت خلفها مدنا غير مكتملة.
ومن أشهر هذه المدن مدينة كانجباشي في أوردوس بمنغوليا الداخلية، الذي صممت لاستيعاب مليون نسمة لكنها استقطبت فقط عشرات الآلاف، لتتحول شوارعها ومبانيها إلى مساحات خالية.
باريس الشرقية
تعد باريس الشرقية التي حاولت تقليد العاصمة الفرنسية ببرج إيفل مصغر وشوارع مشابهة للشانزليزيه، واحدة من المدن شبه المهجورة، بينما مدينة شنغهاي بوند التي لم تجذب الطبقة الوسطى والأثرياء بسبب ارتفاع الأسعار.
ولم تقتصر مدن الأشباح آثارها على الفراغ العمراني، بل شملت أبعادا اجتماعية وثقافية، إذ اضطر كثير من السكان المحليين للانتقال عنوة، وفقدت المناطق هويتها التراثية، لتصبح المدن الحديثة معزولة عن سكانها المفترضين.
وأسهمت ظاهرة المدن المهجورة اقتصاديا في تراكم ديون ضخمة على الحكومات وشركات التطوير، وعكست وجود فقاعات عقارية مبنية على توقعات مستقبلية بدلا من الاحتياجات الفعلية، ما يهدد الاستقرار الاقتصادي محليا وعالميا.
وفي مواجهة هذه المشكلة بدأت الحكومة الصينية تتخذ إجراءات لتحفيز الطلب، مثل تقديم تسهيلات مالية للمواطنين، وإعادة توظيف بعض المدن كمراكز تعليمية أو صناعية، وتطويرها سياحيًا لجذب الزوار.