7 صور من قرية الأشباح المختبئة في رمال أفريقيا

03:04 م
الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
وكالات
خلال إحدى رحلاته الاستكشافية لتصوير السماء، قاد الفضول المصور الفلكي البريطاني من أصل لبناني بنيامين بركات إلى قلب صحراء ناميب في جنوب غرب إفريقيا، إذ صادف قرية مهجورة تغمرها الرمال تدريجيا، لكنها ما زالت شاهدة على ماض كان يعج بالحياة.
هذه القرية هي “كولمانسكوب”، التي تحولت من مركز مزدهر لتعدين الألماس إلى واحدة من أشهر قرى الأشباح في القارة السمراء، يقول بركات: “تاريخ القرية وجمالها المقفر جذباني على الفور كنت أعلم أن المكان سيمنحني خلفية مثالية لتصوير سماء الليل بجوّها الغامض وماضيها الغني.”
ويضيف المصور في مقابلة مع CNN بالعربية: “كان الأمر سرياليا.. الوقوف بين مبان متداعية وسط صحراء بلا نهاية جعلني أشعر وكأنني عدت بالزمن إلى الوراء.”
يشير المصور الفلكي إلى أن الموقع لم يصور ليلا إلا مرات قليلة، وهو ما جعله يبدو “كأنه لوحة لم تُمس بعد”. فقد بدت النجوم أكثر إشراقا فوق المباني المتهالكة، ما أوجد مشهدا متناقضا بين حياة بشرية زالت واستعادتها الطبيعة من جديد.
ويشرح: “الجدران المنهارة والرمال المتحركة صنعت إطارات طبيعية لسماء الليل. وغالبا ما كنت أنسّق مجرة درب التبانة مع الهياكل لدمج الماضي البشري مع الأبدية الكونية.”
خلال رحلته في ناميبيا، نجح بركات في التقاط صور لمركز مجرة درب التبانة في واحدة من أكثر بقاع الأرض ظلمة.
ووثق المصور ظاهرة “الضوء البروجي”، وهو وهج خافت تسببه جزيئات الغبار بين الكواكب التي تشتت ضوء الشمس.
يقول المصور “هذه المشاهد تُظهر أبدية السماء في مقابل هشاشة الوجود البشري.. مكان كان يعجّ بالحياة، وأصبح صامتًا، فيما النجوم ما زالت تلمع فوقه.”
وراء هذا المشهد الفريد، تختبئ حكاية قرية “كولمانسكوب”، إذ تعود بدايتها إلى عام 1908، حين عثر العامل الإفريقي زاكارياس لوالا على قطعة ألماس أثناء عمله في إزالة الرمال عن خطوط السكك الحديدية.
الاكتشاف أشعل اندفاع الأوروبيين إلى المنطقة التي كانت آنذاك جزءًا من مستعمرة “جنوب غرب إفريقيا الألمانية”.
سريعا، تحولت المنطقة إلى مستوطنة على الطراز الألماني، ضمت مستشفى مجهزا بجهاز أشعة سينية نادر، وترامًا، وقاعة رقص وكازينو.
وفي عشرينيات القرن الماضي، بلغ عدد سكانها نحو 300 أوروبي و40 طفلًا، إلى جانب 800 عامل محلي.
لكن بريق الألماس بدأ يخفت مع اكتشاف رواسب جديدة جنوبا في بيئة أقل قسوة. تدريجيا، هجرها السكان، حتى أُغلق المستشفى عام 1956 وغادر آخر المستوطنين بعدها بقليل.
اليوم، باتت كولمانسكوب واحدة من أبرز الوجهات السياحية في ناميبيا، لكن الدخول إليها يتطلب تصريحًا خاصًا لوقوعها ضمن منطقة “سبيرغيبيت” أو “المنطقة المحظورة”، التي أعلنتها السلطات الألمانية قبل قرن لحماية مناجم الألماس.
صحراء ناميب.. أقدم صحراء على الأرض
إلى جانب تاريخ القرية، تتميز صحراء ناميب نفسها بخصوصية استثنائية، إذ تعد أقدم صحراء في العالم، إذ ظلت جافة لما يقارب 55 مليون عام وتمتد لمئات الكيلومترات بمحاذاة الساحل الأطلسي، ما جعل ناميبيا من أقل الدول كثافة سكانية على مستوى العالم.
توثيق الطبيعة لحمايتها
بركات يعتبر ناميب موقعا مميزا في مسيرته، إذ ينظم جولات تصوير سنوية بالتعاون مع مؤسسة “N/a’an ku sê”، وهي منظمة تُعنى بحماية البيئة والحياة البرية في ناميبيا.
ومن خلال صوره، يأمل في إثارة مشاعر الدهشة والتأمل، مؤكدًا أن السماء الأبدية فوق قرية الأشباح تذكرنا دومًا بمكاننا في الكون وبمرور الزمن.